محمد القوماني: لم يتم ترشيحي لوزارة التربية ولا مصلحة لـ«النهضة» في اهتزاز صورة الحكومة
حسن سلمان
تونس – «القدس العربي»:
نفى عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» محمد القوماني ما روجته بعض وسائل الإعلام حول ترشيحه من قبل الحركة لمنصب وزير التربية كبديل للوزير الحالي ناجي جلول، مشيراً إلى أن «النهضة» ليس لديها أي مصلحة في اهتزاز صورة الحكومة الحالية، والتي هي جزء أساسي فيها.
واعتبر، من جهة أخرى، أن الوضع السياسي والاقتصادي المتردي في تونس حالياً لا يوفر المناخ المناسب لإصلاح القطاع التربوي، منتقداً القرارات المستعجلة والمرتجلة لوزير التربية الحالي.
وقال في تصريح خاص لـ«القدس العربي»:
«ما يروج في بعض المنابر الإعلامية من أن حركة «النهضة» تستهدف تغيير وزير التربية الحالي ناجي جلول وتقترح شخصي لهذه الوزارة، هو عارٍ تمام من الصحة وأقرب إلى خلط الأوراق لأنه ليس في أجندة حركة النهضة لا تغيير وزير التربية الحالي ولا ترشيح آخر لهذا الأمر، وهي ليست طرفاً في المعركة التي يخوضها البعض ضد وزير التربية الحالي ويطلبون استقالته تحت عناوين مختلفة، والصراع الدائر بين نقابات التعليم ووزير التربية متصل بالحقل التروبوي وليس عنوانا سياسيا لحركة النهضة، والنهضة هي جزء من حكومة يوسف الشاهد وناجي جلول أحد أعضاء هذه الحكومة، وبالتالي فالحركة ليس لديها أي مصلحة أو رغبة أن يهتز وضع الحكومة بصفة عامة أو في بعض وزارائها».
وأضاف «الحركة سبق أن قدمت أسماء عند تشكيل الحكومة ولكن الآن هذا الملف أُغلق نهائياً، وربما إقحام اسمي واسم حركة النهضة ورد من جهات مختلفة، في أجندتها الحالية إزاحة جلول ولديها شخصيات أخرى ترغب في ترشيحها من باب خلط الأوراق كما أسلفت، وأود الإشارة إلى أن ترشيحي لهذه الحقيبة في حكومة حمادي الجبالي (كانون الثاني/يناير 2013) كان له سياقه الخاص بعد سنة من حكم الترويكا وقد زالت تلك الظروف، والآن الموضوع غير مطروح تماماً».
وحول تقييمه للوضع التربوي في تونس، قال القوماني «أعتقد أن الوضع التربوي يعاني من تراكم مشاكل عديدة، جزء منها متعلق بالتوتر بين أطراف العملية التربوية (إدارة وقيمين وأساتذة وتلاميذ وجزء من العملة)، فهناك اتفاقيات أُنجزت بين النقابات (هناك 9 نقابات في قطاع التربية) في فترات مختلفة، وربما فرضت فيها النقابات بعض الامتيازات لمنظوريها (قياداتها) وصعُب على الوزراء المتعاقبين معالجة هذه المسائل التي أصبحت تمسّ من أداء منظوري النقابات».
وأضاف «الأمر الآخر هو أن وزير التربية الحالي كان مستعجلاً في موضوع الإصلاح بحيث أنه لم يقدم للمربين رؤية متكاملة ولم يستشرهم بالقدر الكافي، وغلبت عليه بعض القرارات المستعجلة مثل إلغاء الأسابيع المغلقة للامتحانات وتغيير روزنامة الامتحانات دون أن يتزامن ذلك مع تغيير المناهج الدراسية ووحدات الدروس والطرق المستخدمة حالياً في إنجاز المناهج الدراسية، لأنه كما هو معلوم الامتحانات تعكس بصورة ما نمط التدريس، وهذا خلط إشكالية لدى الأساتذة والتلاميذ».
وحول مقترحاته لإصلاح قطاع التعليم نتيجة خبرته لثلاثة عقود في هذا المجال، قال القوماني «أعتقد أن إصلاح التعليم يحتاج إلى وضع فيه أقل مناكفات سياسية واجتماعية وإجماع وطني واسع ودعم كبير، وربما تونس التي تضع في أولوياتها الأمن والتشغيل والتنمية من الصعب أن توفر المستلزمات المادية المطلوبة لإصلاح جذري للتعليم، كما أن إصلاح القطاع التربوي ليس فقط زمن مدرسي وبرامج ومناهج بيداغوجية، وإنما أولاً وأساساً إصلاح البنية التحتية فلدينا بنية تحتية مهترئة وخاصة فيما يتعلق بالاكتظاظ في مدارس التعليم الإعدادي والثانوي وهذا لا يتيح تطبيق الإصلاحات البيداغوجية، وتخفيف الاكتظاظ يحتاج إلى أكثر مدرسين وأقسام ومؤسسات تربوية أكثر وهذا ما تعجز عنه الدولة في هذه المرحلة».
وأضاف «هذه السنة بالذات أُغلق باب الانتدابات في مجال التعليم الابتدائي والثانوي وخلف ذلك عودة الاكتظاظ وقد يستفحل في السنة القادمة، الأمر الآخر هو أن إصلاح القطاع التربوي ليس مشروع وزير واحد ولا هيئة محدودة بل يحتاج إلى منظومة كبيرة، ورأينا أن جمعيات مدنية كثيرة قدمت اعتراضات على الاقتراحات التي قدمها ناجي جلول وتؤكد أنه لم يقع الاستماع إليها».
وتابع «أنا كمدرس لثلاثين عاماً، أرى أن الوضع التربوي يزداد تأزماً وتدهوراً وكلما عالجناه بإصلاح جديد كانت النتائج عكسية، وهذا الإصلاح الثالث المزمع إنجازه خلال العقدين الأخيرين ولكن النتائج على مستوى الواقع سيئة، وأرى أن الظروف لا تتيح إجراء إصلاح جذري لأن البلاد تعيش حالة من الاستعصاء على الحكم ولا توفر مناخات إيجابية للحوار، وربما تتدخل عناصر غير تربوية في المعركة الحالية مع وزير التربية».
ويواجه وزير التربية الحالي ناجي جلول انتقادات عدة حول سياساته التعليمية، وخرجت مؤخراً عدة تظاهرات قام بها عدد من التلاميذ والنقابات تطالب برحيله، فيما أكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أنه لن يكون هناك أي تعديل حكومي قريب، في تأكيد قاطع أنه لن تتم إقالة جلول أو أي وزير آخر في الوقت الحالي.