محمد القوماني: سمعة النظام السوري لا تؤهله للمساعدة في كشف حقيقة شبكات التسفير

جريدة القدس العربي

حاوره حسن سلمان

 

 

Mar 25, 2017

 

 

تونس – «القدس العربي»: قال عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» التونسية محمد القوماني إن سمعة النظام السوري لا تؤهله للمساهمة بشكل إيجابي في كشف حقيقة الأطراف التي تقف خلف شبكات تسفير الشباب التونسي إلى سوريا، وشكك في مصداقية الاتهامات التي وجهتها النائبة ليلى الشتّاوي لأطراف من حزب «نداء تونس» بالتورط في هذه الشبكات، لكنه قال إنه يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار خلال التحقيق الذي تجريه لجنة برلمانية حول هذا الأمر.
كما أكد، من جهة أخرى، أن ثمة اعترافاً دولياً بالطابع السلمي والديمقراطي للحركة وهي لا تحتاج لشركات دعاية لتسويق صورتها في الخارج، مشيراً إلى احتمال مقاضاة الشيخ فريد الباجي القيادي في «نداء تونس» بعد تصريحاته الأخيرة التي اتهم فيها بعض قواعد الحركة بـ»الدعوشة».
ويستمر الجدل في تونس حول زيارة وفد برلماني إلى دمشق ولقائهم للرئيس بشار الأسد وعدد من المسؤولين السوريين، حيث ابدى الاسد استعداد بلاده للتعاون مع تونس فيما يتعلق بكشف الأطراف التي تقف خلف شبكات التسفير.
وقال القوماني في حوار خاص مع «القدس العربي»: «ما نستغربه في حركة النهضة هو أن عدداً من النواب سافروا إلى سوريا باسم وفد برلماني دون أن يتم إعلام رئيس البرلمان ولا مكتبه بهذه الزيارة وهذا أمر غير عادي ويمس بالعلاقات، لأن الزيارة حين تكون ذات طابع سياسي يفترض أن يتم إعلام رئيس المجلس بها. كما أن زيارة دولة علاقتها الدبلوماسية مقطوعة مع تونس هو أمر غير لائق في هذه المرحلة على الأقل، وعموماً هذه الزيارة لا تدعم الجهود التي تقوم بها الخارجية التونسية والتي نفت أيضاً أي علم لها بهذه الزيارة التي سيكن لها تداعياتها كبيرة في المستقبل».
وعبر عن تأييده للدعوات المطالبة بالمحاسة «السياسية» لأعضاء الوفد البرلماني الذي يزور دمشق، مشيراً إلى أن النظام السوري «يظل في نظر أغلب التونسيين طرفاً محسوباً على الديكتاتورية والمشاركة في إراقة الدماء وقمع الثورة السورية وحوله نقاط استفهام عديدة، فضلاً عن أن هناك قمة عربية والنظام السوري غير مدعو لها وهذا ما يزيد في تعقيدات الملف».
وحول تعهد النظام السوري بالتعاون مع السلطات التونسية فيما يتعلق بشبكات التسفير، قال القوماني «تم مؤخراً تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في هذا الأمر ونحن ننتظر ان يتم دعمها من الناحية القانونية بما يعطيها المصداقية المطلوبة، لكننا نشك في أن النظام السوري يمكن أن يكون طرفاً له مصداقية في هذه الموضوع، بل بالعكس لا نستبعد أن يتم التلاعب بهذا الموضوع لغايات سياسية، وخاصة أن سمعة النظام السوري لا تؤهله ليكون مصدراً له مصداقية في إعطاء الحقيقة حول ما حصل (كما أسلفت)، وعموماً فإن عمل اللجنة البرلمانية لا علاقة لها بالزيارة التي قام بها النواب، والتي تأتي وفق حسابات سياسية خاصة بهم او بأطراف تدفعهم بهذا الاتجاه».
وكانت النائبة ليلى الشتاوي (رئيسة لجنة التحقيق في شبكات التسفير) لم تستبعد تورط أطراف من «نداء تونس» بشكل غير مباشر بشبكات التسفير إلى سوريا. وعلق القوماني على ذلك بقوله «هذا التصريح لرئيسة اللجنة جاء بعد ازمة داخل النداء، وبالتالي فملابسات الخصومة لا تعطي مصداقية لهذا التصريح، لكنه يؤخذ في عين الاعتبار باتجاه ان يكون موضوع بحث وتدقيق (خلال التحقيق) لكن لا نأخذه كمسلمة من جهة من صرحت به».
وحول الجدل الذي أثارته تصريحات الشيخ فريد الباجي التي اتهم فيها بعض قواعد الحركة بـ»الدعوشة»، قال القوماني «فريد الباجي انضم مؤخراً للنداء بعد ما صرح سابقاً بصفة قاطعة أنه لن يتحزّب ولن يشارك في العمل السياسي رغم مشاركته في العملية السياسية منذ أن ظهر بعد الثورة، قد جانب الصواب تماماً وصرح بشيء مستفز من جهة أخرى ومخالف للحقيقة وهو ادعاء اكثر منه تقييماً معيناً، لأن عبارة «القواعد المدعوشة» هي من باب التصريحات غير المسؤولة وقد طالبه اكثر من طرف بالحركة بأن يتراجع عن هذه التصريحات ويعتذر عنها ولا أستبعد أن تتم مقاضاته إذا أصر على هذا الموقف لأن نعت «الدعوشة» يخفي ويضمر اتهاماً بحمل فكر عنيف وإرهابي وفيه احالات رمزية سيئة».
وأضاف «مرة أخرى نغتنم هذه الفرصة لنؤكد الصبغة السلمية العميقة لحركة النهضة التي شهد لها العالم أيام ملاحقة نظام بن علي لها، واحتضنتها عواصم اوروبا وتأكد لها أنها حركة سلمية، ثم اكدت الشهادات التي قدمتها هيئة الحقيقة والكرامة لضحايا النظام السابق حجم الإهانة والبطش والتعذيب الذي مارسه الجلادون ضد مناضلي حركة النهضة (نساءً ورجالاً) ومع ذلك لم تسجل لا قبل الثورة ولا بعدها أية ردة فعل عنيفة ضد الجلادين وهذا دليل آخر على أن من ينتمون لحركة النهضة لديهم ثقافة سلم ونضال سياسي، كما أن تكريم رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي بجائزة غاندي لنشر القيم السلمية هي شهادة أخرى في هذا المجال للتأكيد على سلمية النهضة».
وكانت وسائل إعلام محلية تناقلت «وثائق قديمة» لوزارة العدل الأمريكية تتحدث عن تعاقد حركة «النهضة» مع إحدى الشركات الأمريكية المتخصصة بالدعاية لتسويق صورتها في الولايات المتحدة.
وعلّق القوماني على ذلك بقوله «شخصيا لا علم لي بهذا التعاقد ولا بتفاصيله، ولكن أعتبر ان سمعة حركة النهضة وطابعها السلمي والديمقراطي واضافتها النوعية خاصة في بناء الديمقراطية ما بعد الثورة هو امر تروج له اوساط سياسية واعلامية وباحثون من العالم، كما أن التقارير البريطانية والالمانية والفرنسية تذهب بهذا الاتجاه، وعموماً إنجازات حركة النهضة على أرض الواقع هي التي تدافع عنها وتجعل الأمريكيين وغيرهم يدركون أن الحركة قطعت مع الإسلام السياسي، وتباينت جوهريا مع حركات العنف منذ ما قبل الثورة، وهي الآن تؤسس لخيار مدني وديمقراطي يحظى باستحسان متنام في الداخل والخارج».
وفيما يتعلق بالأزمة المتواصلة بين وزارة التربية ونقابات التعليم والمطالبة بإقالة الوزير ناجي جلول، قال القوماني «الأزمة بين نقابات التعليم ووزير التربية ناجي جلول بلغت مرحلة متقدمة جداً وخاصة حين أصبح موضوع إقالة جلول مطالب طرف رئيسي في ائتلاف وثيقة قرطاج وهو اتحاد الشغل الذي صرح أكثر من مسؤول في مكتبه التنفيذي، بمن فيهم الأمين العام، أن المنظمة الآن تتبنى مطلب البحث عن بديل مختلف على رأس وزارة التربية، وهذا التطور يجعل الموضوع مختلفًا لأن الاتحاد هو أحد الأطرف الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية ومطلبه ربما يؤخذ بعين الاعتبار اكثر من مطلب نقابات معينة داخل الاتحاد، ويبدو أن الهدنة التي تم التوافق عليها في الفترة الأخيرة مع النقابات تعطي فسحة لرئيس الحكومة الذي يبقى له – دستوريا- القرار الرئيسي في هذا الملف».
وأضاف «ونحن في حركة النهضة نؤكد مجددا أننا لسنا طرفا مطالبا بإقالة وزير التربية لأننا جزء من حكومة الائتلاف الوطني، لكننا نتفهم في الوقت نفسه ان استمرار الأزمة بهذه الطريقة لم يعد امرا محمودا، كما أن تبني الاتحاد والقاعدة التربوية بصفة كبيرة لهذا المطلب لا نراه مؤشرا إيجابيا، وبالطبع نوكّل رئيس الحكومة باتخاذ القرار المناسب في هذا الاتجاه».

حوار القدس العربي 25 مارس 2017

مشاركة
    0 Comments

    No Comment.

    %d مدونون معجبون بهذه: