محمد القوماني: حضور اجتماع يضم نواباً من الكنيست لا يعني التطبيع مع إسرائيل
حاوره حسن سلمان، الأريعاء 17 ماي 2017.
تونس – «القدس العربي»:قال عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» التونسية محمد القوماني إن حضور وفد من البرلمان التونسي ضمن اجتماع للاتحاد من أجل المتوسط بحضور نواب من الكنيست لا يعتبر «تطبيعاً» مع إسرائيل، مشيراً إلى أن «الزوبعة» التي أثيرت حول هذا الأمر لا مبرر لها وتدخل في إطار «حملة انتخابية مبكرة» لبعض الأحزاب قبل أشهر من الانتخابات البلدية التي يفترض إجراؤها نهاية العام الجاري.
كما انتقد لجوء «أقلية» من المعارضة إلى الشارع لمحاولة فرض الأمر الواقع لإسقاط مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية» مشيراً إلى أن البرلمان (وليس الشارع) هو الإطار الطبيعي لمناقشة القوانين، كما رحّب بتكليف الرئيس الباجي قائد السبسي للجيش بحماية منابع الثروة، معتبراً أن اتهامه بـ»عسكرة» بعض المناطق في البلاد هو مجرد «فرقعات سياسية».
وكان عدد من سياسيي المعارضة التونسية انتقدوا حضور نواب عن أحزاب «نداء تونس» و»النهضة» و»آفاق تونس» اجتماعاً لجمعية البرلمانيين للاتحاد من أجل المتوسط في البرلمان الإيطالي بحضور نواب من الكنيست الإسرائيلي، معتبرين أن هذا الأمر يشكل «إهانة» للشعبين التونسي والفلسطيني، كما دعوا إلى مساءلة النواب المذكورين والإسراع في المصادقة على مشروع قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل.
وقال القوماني في حوار خاص مع «القدس العربي»: «حضور وفد من البرلمان التونسي ضمن اجتماع برلماني للاتحاد من أجل المتوسط هو إجراء دأبت عليه الدولة التونسية منذ سنوات، والتمثيل الإسرائيلي في هذا البرلمان لا يعني بالطبع التطبيع مع إسرائيل لأن الدولة التونسية تحضر في محافل وهيئات دولية عدة إسرائيل هي عضو فيها، وذلك بالطبع لم يكن مبرراً لمغادرة تلك الهيئات، فضلاً عن أن تونس ليست العضو الوحيد في هذا الهيئة البرلمانية المتوسطية إذ توجد أيضاً الجزائر والمغرب ومصر، كما أن الوفد البرلماني الذي ضم أعضاء من حركة النهضة لم يحضر اجتماعاً دعت إليه أو نظمته إسرائيل، وإنما حضر ليمثل البرلمان والدولة التونسية في هيئة تمثل البرلمانات الأوروبية والدول المتوسطية».
واعتبر أن «إثارة زوبعة حول هذا الموضع لا تخلو من محاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب حركة النهضة في أفق الانتخابات البلدية المزمع تنظيمها نهاية العام، ولو كان هذا الأمر (حضور الاجتماع من أجل المتوسط) موضوعاً خلافياً لتم طرحه داخل البرلمان نفسه، لأن الوفد الذي ذهب إلى إيطاليا هو وفد رسمي وغادر بعلم رئيس مجلس الشعب وبممثلين عن الكتل البرلمانية، ونحن نعتبر أن هذه الزوبعة التي أثيرت حول هذا الموضوع لا مبرر لها وهي إحدى آليات استهداف حركة النهضة ومحاولة لتشويه سمعتها لدى ناخبيها».
وكان رئيس حركة «النهضة» الشيخ راشد الغنوشي اعتبر أن تجييش الشارع من قبل بعض أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ضد مشروع قانون المصالحة الاقتصادية هو «حملة توظيف سياسي تنم عن عدم نضج في الديمقراطية لمغالطة الناس وربط صورة السلطة والأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم بالفساد بهدف القيام بحملات انتخابية مبكرة».
وأوضح القوماني بقوله «الاحتجاج على مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية» ضمن الأطر التي يسمح بها القانون هو حق دستوري وأمر مقبول في العمل السياسي، وحركة الهضة لم تعترض على هذا الحق أو غير من طرق التعبير السياسي، ولكن أن يتم وصف من يساندون هذا التوجه في المصالحة بأنهم يبيضون الفساد وأنهم يدفعون فاتورة صفقات سياسية انتخابية وغيرها، فهذه الدعاية السياسية تحتاج إلى نوع من الرد كالذي صرح به رئيس حركة النهضة، علماً أن الحركة أكدت أنها لن تقبل المشروع في صيغته الحالية، وهي أساساً لم تقبله عام 2015 هي بصدد دراسة هذا المقترح (المعدل)، ورئيس الجمهورية قال في خطابه – بشكل واضح – إنه يقبل جميع التعديلات التي قد تدخل على هذا المشروع».
وتابع «نحن نعتبر أن الإطار الطبيعي لمناقشة القوانين هو البرلمان الذي قد يقرها أو يعدلها جزئياً أو جوهرياً، والتظاهر في الشارع هو أمر مقبول ما لم يصبح أداؤه لفرض الأمر الواقع، يعني تصبح الأقلية التي تتظاهر تدّعي التحدث باسم الشعب وتقول بأن الشارع التونسي ضد المصالحة أو غيرها، ولكن لو استعملنا الأساليب نفسها لربما استطعنا تنظيم مسيرات أضخم من طرف المساندين لهذا المشروع، ولذلك نحن نقبل بجميع صيغ الصراع السياسي بما في ذلك التظاهر ولكن لا نعتبره أداة الحسم في مشاريع القوانين، وهذا ما أكد عليه رئيس الحركة حين قال إن قبة البرلمان هي الإطار الطبيعي للتفاعل مع هذا المشروع الرئاسي».
وحول دعوة بعض أحزاب المعارضة إلى انتخابات تشريعية مبكرة على اعتبار»فشل» الائتلاف الحاكم بقيادة البلاد، يقول القوماني «الانتخابات المبكرة لها آلياتها التي نص عليها الدستور، والجهات التي يمكنها أن تدعو إلى انتخابات مبكرة، تتلخص برئيس الجمهورية ضمن الآليات المتاحة له والكتل البرلمانية الكبرى، ولكننا لا نرى في هذا الأمر حلاً للمشاكل السياسية القائمة».
وأضاف «في تونس تم تغيير الحكومات حوالي سبع مرات ولم يؤدًّ ذلك إلى حلول حقيقية لمشاكل البلاد، يعني المشكلة ليست فقط في تعديل او تبديل الحكومة او الائتلاف الحاكم، والأمر الآخر هو أن الديمقراطية تقتضي بأن الذين صوت لهم الشعب في انتخابات 2014 يتحملون مسؤولية إدارة البلاد ما بين الانتخابين والشعب سيحكم عليهم في انتخابات طبيعية منصوص عليها في 2019».
وتابع القوماني «لذلك نعتبر أن هذه الدعوات (انتخابات مبكرة) مقبلة من أقليات سياسية ممثلة داخل البرلمان أو غير ممثلة فيه، وحكمها على الائتلاف الحاكم بالفشل هو حكم اعتباطي لا يعتمد على مقاييس دقيقة، لأن الحكومة الحالية رغم الصعوبات التي تمر بها، هناك مؤشرات على أنها تقدمت في ملفات عديدة نصت عليها «اولويات (وثيقة) قرطاج» كالانتصار على الإرهاب وتقديم مشاريع قوانين مهمة لمحاربة الفساد وتحسين مستوى التنمية، واليوم معهد الإحصاء قدم حصيلة الثلاثية الأولى (ثلاث أشهر الأولى) في 2017 وبين أن هناك تحسناً مضاعفاً في معدل التنمية في تونس، إذاً الحكم بالفشل هو حكم اعتباطي من أطراف هم خصوم سياسيون للائتلاف الحاكم، ولذلك نقدر في حركة النهضة بأنه لا مبرر دستورياً لهذه الدعوات ولا تمثل حلاً سياسياً للمشاكل القائمة».
فيما يتعلق بقرار الرئيس التونسي تكليف الجيش بحماية مصادر إنتاج النفط، قال القوماني «نحن لم نر أي مشكلة في ما دعا إليه رئيس الجمهورية بصفته رئيسًا للدولة وقائدًا أعلى للجيش والقوات المسلحة، فالجيش التونسي مؤتمن على المؤسسات بعد الثورة وكان يلعب دوراً أكبر في سنوات بعد الثورة، وبين بأدائه وعقيدته التي يقوم عليها أنه بعيد عن التجاذبات الحزبية وعن مطامع السيطرة على الحكم، والأطراف التي انزعجت مما أعلنه رئيس الجمهورية، تتناسى بأن هذا القرار ليس قرار الرئيس إنما هو قرار مجلس الأمن القومي بحضور المؤسسة العسكرية والأمنية وباقي الأطراف، إذا هو أعلن عن قرار المجلس وليس رأيه الشخصي».
وأضاف «ومن وظائف الجيش الوطني أن يؤمن منابع الثروة إذا قدر وجود أخطاء عليها داخلية أو خارجية إرهابية او غيرها، ونحن نعتبر أن ما سارعت إليه بعض الأحزاب في قولها أن الرئيس يعلن الحرب على الشعب كما جاء في بيان أحد الأحزاب أو الدعاية إلى ما سموه عسكرة المجتمع والمؤسسات، هي مجرد فرقعات سياسية لا أكثر ولا أقل».
حسن سلمان