محمد القوماني: «النهضة» تتجه إلى التوافق مع «النداء» في إدارة الحكم المحلي في تونس

حاوره حسن سلمان:

تونس – «القدس العربي»: قال محمد القوماني عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» التونسية إن تجربة «التوافق» بين حزبه و»نداء تونس» ستمتد إلى الحكم المحلي بعد الانتخابات البلدية، كما اعتبر أن مشاركة رئيس الحكومة يوسف الشاهد في الحملة الانتخابية لحزبه غير مخالفة للقانون «بشرط عدم الخلط بين الدولة والحزب». وبرر من جهة أخرى ضعف الخبرة لدى عدد كبير من مرشحي الانتخابات البلدية – وخاصة المستقلين- باحتكار المسؤولية السياسية في حزب واحد لستة عقود فضلاً عن «شيطنة» العمل الحزبي بعد الثورة.
وكان راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» كشف قبل أيام عن وجود «نية» لدى الحركة في العمل مع حزب «نداء تونس» في إدارة الشأن المحلي بعد الانتخابات البلدية المُقبلة، مشيراً إلى أن القانون الانتخابي يكرس نهج التوافق كونه لا يمكّن أي حزب من الفوز بالغالبية.
وقال القوماني في حوار خاص مع «القدس العربي»: «أؤكد ما صرح به رئيس الحركة من احتمال التوافق بين النداء والنهضة مجدداً في المجالس البلدية وربما يكون التوافق أوسع من هذين الحزبين. هذا الكلام يؤيده القانون الانتخابي الذي ما زال ساري العمل به منذ انتخابات المجلس الوطني التأسيسي فهو لا يتيح لحزب واحد الفوز بالغالبية، ولذلك فالمجالس البلدية ستكون متنوعة واختيار رئيس البلدية سيحتاج إلى توافق خاصة بين القائمات الفائزة، كما أن التوافق ضروري كي تكون هذه المجالس فاعلة، علماً أن التنافس بين الحزبين في هذه المحطة أو اختلافهما في بعض العناوين في المرحلة الأخيرة لن يلغي ما بينها من تقارب ورغبة في العمل وهذا سيكون في المجالس البلدية وقد يكون أيضاً في مجالات أخرى».
وكان سياسيون ونشطاء تونسيون انتقدوا مشاركة رئيس الحكومة يوسف الشاهد في الحملة الانتخابية للحزب الحاكم، مطالبين هيئة الانتخابات بالتدخل لمنع استعمال الإدارة التونسية في الحملة الانتخابية ومطالبة الحكومة بالحياد تجاه محطة انتخابية هامة ستؤثر بشكل كبير على الوضع السياسي القائم في البلاد.
وعلّق القوماني على ذلك بقوله «يوسف الشاهد هو من قيادات حزب نداء تونس وقد تعمّد في الفترة الأخيرة – وعبر أكثر من خطاب للشعب – أن يذّكر بهذا المعطى الحزبي. وليس هناك في القانون أو الالتزامات السياسية ما يمنع من أن يكون رئيس الحكومة إلى جانب حزبه في محطة انتخابية هامة كالبلديات، بشرط أن لا نعود بأي شكل إلى الخلط بين الدولة والحزب ولا نستغل مقدرات الدولة أو منابرها أو إمكانياتها لصالح حزب النداء. بالطبع حصلت بعض التجاوزات في هذا الإطار وحركة النهضة وأحزاب أخرى وبعض المراقبين نبهوا إلى هذه التجاوزات، ويحاول نداء تونس أن يتفادى ذلك الآن. على أن يبقى خيارنا الأساسي خارج المحطات الانتخابية هو أن تنأى الحكومة – قدر الإمكان- بنفسها عن التجاذبات السياسية والحزبية لتتفرغ للقضايا الوطنية الكبرى وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية والاجتماعية».
ويثير تدنّي المستوى الثقافي لأغلب المرشحين للانتخابات البلدية المقبلة قلقا في تونس، حيث يتساءل البعض عن كيفية إدارتهم للحكم المحلي الذي يحتاج لخبرة كبيرة وخاصة في بلد اعتاد على الحكم المركزي منذ الاستقلال.
وبرر القوماني هذا الأمر بقوله «في تونس بعد الثورة وقع تجاوز كبير في انتقاد الأحزاب وشيطنة العمل الحزبي مقابل الدعاية للمستقلين والكفاءات غير الحزبية، وحُرم المتحزبون – وخاصة من لديهم ماضٍ وقدرات سياسية – من المشاركة في الهيئات لأنهم متحزبون وأُبعدوا حتى من تسيير ما سُمّي في تونس بـ»النيابات الخوصية للبلديات». ومن المعروف أن الأحزاب هي أُطر للتكوين والثقافة السياسية والتعوّد على تحمل المسؤولية، فمن يشاركون في الأحزاب هم أكثر تأهيلاً للقيادة من غيرهم، كما أن الأحزاب مفتوحة للجميع فهي ليست قبائل أو أطراً مغلقة على أشخاص معينين، وهذا لا ينفي بالطبع أن بين المستقلين غير المتحزبين من يتمتعون بخصال القيادة والكفاءة».
وأوضح أكثر بقوله «نحن نعالج مرحلة انتقالية في تونس، كما أننا ندفع ضريبة الاستبداد الذي خيّم على تونس ستين سنة، حيث احتكر المسؤولية في جهة حزبية معينة، وتونس تتعافى الآن وتتجه تدريجيا نحو مرحلة تتيح لجميع التونسيين أن يتدربوا ويتحملوا المسؤوليات في الشأن العام، وقد يوجد بين المترشحين من هم أقل خبرة أو كفاءة، لكنهم سيتعاملون مع بقية زملائهم، ومن كانت تنقصه خبرات معينة سيكملها من خلال الممارسة».
وحول قيام حركة «النهضة» بترشيح نساء غير محجبات ضمن قائماتها الانتخابية، فضلا عن شخصيات غير مسلمة، قال القوماني «حركة النهضة تسرّع في تحديث تونس وتخلق الحدث في الانتخابات البلدية، وهي تفعل ذلك بقناعة وفي انسجام مع مقدمات سبقت هذا الاستحقاق الانتخابي، فالمؤتمر العاشر في 2016 والندوة السنوية لإطارات الحركة في نهاية 2017 كانت محطات مهمة في عمل النهضة على مراجعة رؤيتها الفكرية وتطوير خطابها السياسي ومحاولة كسر الصورة النمطية التي يحاول خصومها إلصاقها بها، وما فعلته في المحطات السابقة كان استباقاً للاستحقاقات الانتخابية وهي تجني ثمار ذلك العمل بخطوات تعزز مصداقيتها في المدنية والتطور والعمل بمقتضيات الدستور والقانون».
وأضاف «وفي هذا الإطار جاء ترشيح مواطن تونسي يهودي في تكريس للمواطنة وتفعيل للدستور، وأيضا قررت الحركة أن يكون نصف قائماتها من المستقلين وانفتحت على الكفاءات المختلفة بما في ذلك نساء محجبات أو غير محجبات، منتميات للنهضة أو مستقلات، حيث رشحت سيدة على رأس قائمة تونس العاصمة، وهي المرة الأولى التي تنافس فيها إمرأة على مشيخة المدينة، كما أن نصف قائمات النهضة ترأسها النساء، بعضهن غير محجاب ولكن ليست لديهن مشكلة مع خطاب النهضة. ويمكن القول إن النهضة فاجأت منافسيها بهذه النزوع إلى الانفتاح والتحديث والوفاء لما قالته في محطاتها السابقة، ولذلك بدأوا بمحاولة تشويه صورتها والتشكيك بمصداقيتها، لكن سترون أن حركة النهضة ستكرس صواب اختياراتها من خلال النتائج المأمولة في هذه الانتخابات».
يذكر أن ترشيح حركة «النهضة» للمواطن اليهودي سيمون سلامة أثار انقساما بين التونسيين، حيث رحّب به البعض داعيا إلى إدماج اليهود التونسيين في الحياة السياسية والحزبية، فيما اتهم آخرون الحركة بالخروج عن الإسلام ومحاولة إثارة الفتنة في المجتمع التونسي. وردت الحركة بقولها إن سيمون سلامة هو «مواطن تونسي يهودي الديانة، ووجوده في قائمة النهضة أحد مكاسب الحركة وطريقة للسماح للمستقلين بالمشاركة في إدارة البلديات».
http://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/picdata/2018/04/04-24/24qpt962.jpg

مشاركة
    0 Comments

    No Comment.

    %d مدونون معجبون بهذه: