محمد القوماني لـ«القدس العربي»: أستبعد انتفاضة شعبية في تونس… وعلى المعارضة اختيار مرشّح توافقي للرئاسة

تونس – «القدس العربي»: استبعد محمد القوماني الناشط السياسي والقيادي المستقيل من حركة النهضة، اندلاع انتفاضة شعبية ضد الرئيس قيس سعيد، لكنه حذر من انهيار الوضع الاقتصادي، ودعا المعارضة لاختيار مرشح توافقي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “إذا استمر سجن القادة السياسيين عموماً، والتضييقات على العمل السياسي وعلى حرية التعبير، واستمرت الهوة بين السياسيين وعموم الشعب وغلبت اللامبالاة، فنحن أقرب إلى ما أسميه “موت السياسة” مؤقتاً. وربما يتجه الوضع إلى مزيد من التصلب والراديكالية في السلطة والمعارضة، وهذا ما ستكون له تداعيات وطنية سلبية على المدى المتوسط والبعيد، أما الانتفاضة الشعبية ذات العناوين السياسية فتظل مستبعدة رغم اتجاه حكم قيس سعيد إلى مزيد من البعد الفردي والتسلطي واتجاه الوضع الاقتصادي إلى الانهيار”.

90 ٪ عزوف!

وأضاف: “كشفت نسبة العزوف بحوالي 90 في المئة في الانتخابات التشريعية الأخيرة عن سحب وكالة من مشروع 25 جويلية، وأيضاً عن رفض الانخراط في العملية السياسية عموماً. ومهما كان منسوب الاضطهاد السياسي للمعارضين وتكرار أخطاء الماضي، فإنّ قيس سعيد وفريقه كشفوا عن عجز واضح في إدارة الدولة وعن قصور في مواجهة الأولويات الاقتصادية والاجتماعية. والبلاد في كل الأحوال تسير نحو استكمال عناصر الكارثة والانهيار، كما تتوقع ذلك دوائر عديدة بحثية ودولية وليس معارضة سعيد فقط. ولا أظنّ الانهيار الاقتصادي سيخدم المطلب الديمقراطي مستقبلاً، بل العكس أرجح”.
ورجّح القوماني أن تشهد تونس انتخابات رئاسية العام المقبل. و”سيجد قيس سعيد صعوبات جمة في عدم الوفاء بهذا الاستحقاق لو فكر في ذلك. لكن المشكلة الأساسية في رأيي، أن قيس سعيد يعمل ما في وسعه لإفراغ الساحة من منافسين جديين وتأمين العملية لصالحه. وفي المقابل، لا تعمل المعارضة ما يلزم لكسب هذا الرهان”.
وأضاف: “اقترحتُ منذ أشهر أن تجعل المعارضة موعد الانتخابات الرئاسية وشروط شفافيتها العنوان الأبرز لمطالبها السياسية، وتعبئ الرأي العام الداخلي والخارجي في هذا الاتجاه، لكنها لم تفعل وفضلت الاستمرار في مناكفة السلطة تحت شعار “إسقاط الانقلاب”. وهي من جهة ثانية لا تتهيأ لهذا الموعد الحاسم في أي تغيير محتمل. فالمعارضة لا تزال أميل إلى ما تصفه بـ “المقاومة”. وتتبنى “المقاطعة” للانتخابات عملاً بمقولة “ما بُني على باطل فهو باطل”. وهي لم تبدأ في مناقشة آليات التوافق على مرشح جامع ومقتدر وعلى عرض سياسي جاذب. لذا، فالمعارضة أقرب إلى السير نحو الهامشية السياسية خارج مؤسسات الدولة. والسلطة القائمة لا تملك أي مشروع واعد بآفاق أفضل. ونحن في انتظار مفاجآت لا تستبعدها مختلف الأطراف”.
وأكد القوماني أنه لا يفكر بتأسيس حزب جديد بعد مغادرة حركة النهضة.
وأوضح بقوله: “بعد إنهاء تجربة “الإصلاح والتنمية” بإغلاق الحزب رسمياً وبقرار جماعي، كان قرار انضمامي إلى حركة النهضة في نهاية 2016 والاستقالة منها مؤخراً، قراراً شخصياً. ولا تشغلني الآن أي تجربة حزبية جديدة في “الإصلاح والتنمية” أو غيره”.
وأضاف: “أصرف جهدي في الأساس إلى البحث والقراءة والكتابة وأعطي الأولوية لإصدار كتاب “تعميقاً للنظر فيما حصل وما يُحتمل”، أحاول من خلاله العود على مئات المقالات والتصريحات الشخصية وكل ما يفيدني في فهم مسار ما بعد ثورة 17 /14 وأسباب انتكاسة التجربة التونسية؟ وهل من ضمانات لعدم تكرار الأخطاء ولحماية الديمقراطية؟ وأيّة علاقة بين الديمقراطية والتنمية وتحسين معيشة الناس؟ ولماذا فشلنا في بناء أحزاب شعبية وقوية في ظلّ حرية التعبير والتنظّم بعد الثورة؟ وهل تنجح تجربة عربية منفردة ومعزولة عن محيطها؟ وغيرها من الأسئلة المحيّرة”. وتابع بالقول: “ومع هذه الاهتمامات النظرية في الأساس، أظل منفتحاً على حلقات الحوار وتبادل الرأي والتطلع إلى تجارب جديدة ناجحة أرجّح أن تقودها أجيال جديدة. وأفضل ألا تضطلع فيها الطبقة السياسية التقليدية بأدوار تنفيذية في أيّ مجال”.
وفيما يتعلق بقراءته للاهتمام الغربي الكبير أخيراً بتونس، قال القوماني: “تؤكد مواقف الدول الغربية عموماً وسياسات الاتحاد الأوروبي خاصة في تفاعل مع الأزمة السياسية بتونس ما بعد 25 تموز/ يوليو 2021، أن مصالح الدول الغربية مقدمة على المبادئ الانسانية وعلى مطالب الشعوب المتطلعة للديمقراطية والعدالة ومزيد استقلال قرارها الوطني. وما تفعله المفوضية الأوروبية في علاقة بملف ما يسمى بالهجرة غير الشرعية لا يخرج عما أسلفنا من حرصها على ضمان مصالح دولها وجعل تونس “حارساً لحدودها” رغم ما يعلنه قيس سعيد من رفض علني لهذا الدور. وكل مخاوف أوروبا من انهيار محتمل في تونس محكوم بهذه الهواجس. وبذلك، نفسّر الاهتمام المبالغ فيه من دول الجوار الأوروبي لتونس خاصة”.

العثمانيون الجدد

واعتبر القوماني أن فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة، سيعزز الديمقراطية في تركيا.
وأوضح بقوله: “لا يخطئ المتابع الموضوعي للتجربة التركية الإضافة النوعية لأردوغان ورفاقه في حزب العدالة والتنمية، ذوي الأصول التاريخية المعلومة، الذين عرفوا، خلافاً لتجارب أخرى في تونس وغيرها، كيف يغادرون المربّعات التقليدية للإسلام السياسي في اهتماماتهم وأولوياتهم وتحالفاتهم، وكانوا أفضل تعبير عن الديمقراطية المحافظة، وأبانوا عن كفاءاتهم في الحكم والنجاح حتى كسبوا للمرة 17 في الانتخابات التركية المختلفة منذ سنة 2002، وصوتت لهم الأغلبية في المناطق المتضررة من الزلزال الأخيرة اعترافاً”.
وأضاف: “خلال عَشريتين من حكمهم، قفزت تركيا إلى الأمام أشواطاً على مختلف مستويات التنمية الشاملة وبناء القوة، وعرف “العثمانيون الجدد” كيف يستثمرون حرصهم على الانضمام للاتحاد الأوروبي، وإن بدا مستحيلاً واقعياً، في الضغط الداخلي من أجل تطوير التشريعات التركية وتوسيع الحريات وتقليص دور المؤسسة العسكرية في السياسة ودعم استقلال القضاء والعمل بالمواصفات الأوروبية في التصنيع والمعاملات وتطوير المجتمع والخدمات. ولذلك، خرج الشعب إلى جنب أردوغان وحزبه لحماية الديمقراطية صيف 2016، وهو الذي لم يتصدّ من قبل للانقلابات العسكرية العديدة. وناهزت المشاركة في الاستحقاق الانتخابي الأخير 90% في استثناء عالمي، وتمّت العملية دون مشاكل تُذكر، وبمتابعة دولية لافتة. فكانت الانتخابات الأخيرة فوزاً تاريخياً لأردوغان وحزبه، وانتصاراً حاسماً للديمقراطية التركية التي قال عنها أردوغان: لا أحد يستطيع أن يجرأ عليها بعد اليوم”.
وتابع بالقول: “سيكون لهذه النتائج تداعياتها الداخلية على تركيا والخارجية على المنطقة. فأردوغان منتبه في ولايته الثانية والأخيرة على ما يبدو للتحديات الاقتصادية وفي مقدمتها مشكلة التضخم. ولذلك، غيّر فريقه الحكومي بالكامل تقريباً. كما أنه منتبه أيضاً للوحدة الداخلية للشعب التركي بمعالجة الانقسام السياسي وقضية الأكراد، إضافة إلى ترسيخ الديمقراطية وتأمينها عبر دستور جديد للجمهورية في مئويتها الثانية. وستواصل تركيا إعطاء المثال الحسن في النجاح لشعوب المنطقة والاضطلاع بأدوارها الإقليمية في فضّ بعض النزاعات وخلق التوازنات الضرورية”.

https://www.facebook.com/v17.0/plugins/like.php?app_id=0&channel=https%3A%2F%2Fstaticxx.facebook.com%2Fx%2Fconnect%2Fxd_arbiter%2F%3Fversion%3D46%23cb%3Df158ee7d26b8b44%26domain%3Dwww.alquds.co.uk%26is_canvas%3Dfalse%26origin%3Dhttps%253A%252F%252Fwww.alquds.co.uk%252Ff326bdede209084%26relation%3Dparent.parent&container_width=0&href=https%3A%2F%2Fwww.alquds.co.uk%2F%25d9%2585%25d8%25ad%25d9%2585%25d8%25af-%25d8%25a7%25d9%2584%25d9%2582%25d9%2588%25d9%2585%25d8%25a7%25d9%2586%25d9%258a-%25d9%2584%25d9%2580%25d8%25a7%25d9%2584%25d9%2582%25d8%25af%25d8%25b3-%25d8%25a7%25d9%2584%25d8%25b9%25d8%25b1%25d8%25a8%25d9%258a-%25d8%25a3%25d8%25b3%25d8%25aa%25d8%25a8%25d8%25b9%2F&layout=button_count&locale=fr_FR&ref=addtoany&sdk=joey&width=90

مشاركة
    0 Comments

    No Comment.

    %d مدونون معجبون بهذه: