لا شيء يؤشر حتى الآن إلى إقبال محتمل على الرئاسيات
محمد القوماني: لا شيء يؤشر حتى الآن إلى إقبال محتمل على الرئاسيات.*
يقول المحلل السياسي محمد القوماني، لـ”العربي الجديد”:
“الانتخابات الرئاسية في تونس تقترب في مناخ عام مشحون تطفو فيه الاعتقالات ذات الطابع السياسي، ويتم فيه التضييق على المعارضة والإعلام والمجتمع المدني، وتتفاقم فيه مؤشرات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وينتاب فيه عموم التونسيين شعور بالغموض والقلق”. ويضيف: “في الأثناء يستمر الرئيس قيس سعيّد في تكرار المقولات التي أعلنها منذ 25 يوليو 2021، حول مقاومة الفساد وتطهير الإدارة والمحاسبة واسترجاع الأموال المنهوبة وتحقيق العدالة الاجتماعية، من دون تحقيق نتائج ملموسة في الواقع”.
ويرى القوماني أن “الرئيس فشل في تحقيق وعوده قبل 25 يوليو وبعده، وفشل مساره التصحيحي المعلن يوم فرض الإجراءات الاستثنائية. وتشي عمليات سبر الآراء بتراجع كبير في شعبية سعيّد، كما لا يصعب على أي متابع التقاط مشاعر خيبة الأمل في أوساط عموم التونسيين”. ويشير إلى أنه “من قبل 25 يوليو 2021، فشل مسار الانتقال الديمقراطي الذي أعطى الأولوية للإنجازات السياسية، ولم يحقق أهداف الثورة في الشغل والكرامة والتنمية العادلة والمتوازنة، وكان غضب التونسيين على عموم الطبقة السياسية أهم استثمار لقيس سعيّد في وضع حدّ لذلك المسار”.
ويشدد على أنه “مع تكرار الفشل يتعمّق الشعور العام بخيبة الأمل في السياسة، ولا أدلّ على ذلك من العزوف الواسع عن المشاركة في الأحزاب ومقاطعة المحطات الانتخابية التي لم تعد تعني سوى حوالي عشرة في المائة من الشعب”. ويتابع: “كما تأكد ذلك في الانتخابات التشريعية والمحلية في دورتين. ولا شيء يؤشر حتى الآن إلى إقبال محتمل على الرئاسيات على الرغم من أهميتها واختلاف رهاناتها. والواضح أنّ أولويات عموم المواطنين اقتصادية واجتماعية بالأساس. ولم تعد المطالبة بالديمقراطية والحريات أولوية إلا لدى بعض النخب التي تعاني من أزمة تواصل مع الأغلبية وتتعمّق الهوة أكثر فأكثر بين المجتمع المنظم والمجتمع المهمش”.
ويعتبر القوماني أن “النخب السياسية التقليدية والوجوه المستهلكة استنفدت رصيدها الشعبي. ولا عودة إلى الوراء، كما يقول الرئيس سعيّد. ولكن بالتوازي مع ذلك يتنامى الشعور بعجز الرئيس المباشر عن حلّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، على الرغم من أهمية بعض العناوين التي يعمل الإعلام الرئاسي على نشرها. ولم يعد خافياً على الأغلبية المأزق المالي بسبب المواقف الخارجية السلبية من سياسات الرئيس سعيّد. كما لم يعد مجدياً الاستثمار في الترذيل وتقسيم التونسيين وملاحقة رجال الأعمال، بل صار ذلك خطراً على مستقبل البلاد”. ويعرب عن اعتقاده بأن “عموم التونسيين يتطلعون في رئاسيات 2024 إلى شخصية مقتدرة وجامعة، أي إلى مرشّح ذي كفاءة اقتصادية وسياسية في آن، وقادر على تهدئة الاحتقان وتوحيد الجهود في أفق وطني. وهذا أراه مفقوداً الآن في انتظار أن تتوضح الصورة أكثر في مقبل الأسابيع بتأكد الترشحات الجدية والفعلية. وفي غياب البديل بالطبع يستفيد القائم في الاستمرار”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*حوار وليد التليلي على موقع “العربي الجديد” بتاريخ 12 أفريل 2024.