تدوينات حول حكومة الشاهد

 

حكومة “متنوشة”..تفاءلوا..

حكومة الشاهد التي أعلن عنها رسميا السبت 20 أوت 2016 بعد “ماراطون” من المشاورات والمناورات جاءت “متنوشة” بالتونسي. تستجيب لأذواق كثير من الفاعلين السياسيين. فهي حكومة ترضيات بامتياز دون “محاصصة” بالطبع. تُكافئ وتغازل وتجمع كل “الوطنيين” إلاّ من أبى. فيها تمثيل لجميع العائلات الفكرية والسياسية وإن أنكر البعض “المشاركة”، وفيها أغلب جهات البلاد بقطع النظر عن الإقامة وفيها خاصّة الشباب والنساء. حكومة وحدة وطنية بحق وحكومة سياسية أيضا، وإن بدا كل سياسي فيها يعمل للصالح الشخصي، ولا ينتظر فيها تناغم أو تضامن حتّى بين أعضائها.

توسّعت في حكومة الشاهد قاعدة الأحزاب، وسيكون النداء هذه المرة ماسكا بأعلى السلطات الثلاث في الدولة  “دون تغوّل” وقائدا لسفينة “الإنقاذ” مع شركائه بالطبع. في هذه الحكومة تظهر بصمات المنظمات الوطنية “التي لا شأن لها بالتركيبة” بالطبع. سمتها البارزة أنّ “الكفاءات” فيها لا علاقة لوزاراتهم باختصاصاتهم، ولا ماضي يشهد لهم في المجال، وهنا العبقرية التونسية بالطبع. سيجتمع فيها على طاولة واحدة مع وزراء من حركة النهضة من ظلّوا دوما يثبتون وجودهم بنفي النهضة، وهذه خطوة مهمة. وفيها أيضا “تجمّعيون” لم يعد أحد من المشاركين يعترض على العمل معهم. فالحمد لله على لمّ شمل تونس بعد خمس سنوات من “التباغض”.

حكومة الشاهد هذه التي لم يعلّق أحد من “الأطراف المشاركة” على العدد الكبير لأعضائها، من وزراء وكتاب دولة ومن لا حقائب لهم، لن تكون استثناء عن سابقاتها. فهي ستفسح المجال بعد أشهر في “تعديل حكومي” لمن لم ينالوا “حصتهم” هذه المرّة، ممن برعوا في التعجيل برحيل الصيد أو ممن هلّلوا لتعيين الشاهد. وهي أيضا لن يطول عمرها لنكتشف “فشلها” وليفسح المجال للمنتظرين. فتفاءلوا..أيها المنتظرون، أما عموم الناخبين فلا عزاء لهم غير أن يتأملوا في عواقب “الفوت أوتيل”.

 

يسار..داخل في الربح خارج من الخسارة.

لأنّ “يسارا” عندنا “ثلثه باللسان وثلثاه عند اليمين” فهو واقعيا حاضر بقوة  في جميع الحكومات “اليمينية” ومتموقع في مختلف مراكز القرار، يأكل على جميع الموائد ويغنم من مختلف المواقع، ولكنه خطابيا يستثمر في المعارضة ويُوهم أنه يتصدى لحكم من لا حق لهم في الحكم، ويحمّلهم مسؤولية “الفشل” المحتوم.

“يسار” تصحّ فيه القولة الشعبية “داخل في الربح خارج من الخسارة”.

 

حكومة ضعيفة..لكن رجاء

تواجه حكومة الشاهد المكلّفة منذ إعلانها انتقادات واسعة ومختلفة، وهذا مشروع ومألوف بعد الثورة. وأودّ تنسيب الأمور في مسألين:

الأولى تتعلق بضعف التركيبة، وهو ضعف حقيقي مقارنة بضخامة التحديات التي تواجهها البلاد في هذه المرحلة وانتظارات التونسيين العالية والخبرة المحدودة لأغلب أعضاء الحكومة أو عدم تخصّصهم في مجالات وزاراتهم. لكن الضعف ينسّب بالنظر إلى الطابع السياسي للحكومة وبمقارنتها بطبيعة المشهد السياسي بعد الثورة، بالنظر على سبيل المثال إلى تركيبة المجلس الوطني التأسيسي ومجلس نواب الشعب الحالي وقيادات أغلب الأحزاب ومستشاري رئيس الجمهورية زمن  الترويكا أو الآن…فكما تكونون يُولّ عليكم.

الثانية تتعلق بالتهافت على المسؤولية ومنطق “الغنيمة” و”الكراسي”…وهنا لا بدّ من استحضار ما هو بشري فينا جميعا وما هو من طبيعة تطلعات السياسيين عموما. إضافة إلى نسبة الجرأة في قبول التكليف في وضع صار فيه حكم التونسيين مستعصيا وصار فيه المسؤول معرّضا إلى قدر من “التمرميد” بصرف النظر عن كفاءته وأدائه.

فرجاء أن نقلّب الزوايا ونلتمس لحكومة الشاهد المكلّفة أعذارا.

* الصفحة الرسمية بالفايس بوك بتاريخ 21 أوت 2016

مشاركة
    0 Comments

    No Comment.

    %d مدونون معجبون بهذه: