أحداث الأسبوع كما يراها محمد القوماني عضو المكتب السياسي لحركة النهضة

جريدة الشروق، تونس في 28 جانفي 2018

لا مبرّر للتشنج بين الجبهة الشعبية والنهضة

شهد الأسبوع المنقضي عدّة أحداث لافتة، وتستضيف الشروق في هذا الركن الأستاذ محمد القوماني عضو المكتب السياسي لحركة النهضة للتعليق والتفاعل حول ما جرى من أحداث وتقييمه لعا ولتداعياتها وأبرز الدروس المستخلصة منها.
تونس (الشروق) ـ حاوره خالد الحداد
ومن أبرز أحداث الأسبوع “إعلان مبادرة الإضراب العام عن الإضرابات” التي أطلقها اتحاد الشغل واتحاد الأعراف، وحولها يقول محدّثنا: “يقوم السيد سمير ماجول منذ انتخابه على رأس منظمة الأعراف خلفا للسيدة وداد بوشماوي، باتصالات مكثفة ويدلي بتصريحات إيجابية ويعقد لقاءات بالغة الأهمية، على غرار لقائه برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والأمين العام لمنظمة الشغالين. ويعدّ استئناف النشاط بالشركة التونسية للإطارات المطاطية (ستيب) وإعلان برنامج مشترك بين الاتحادين (الأعراف والشغالين) تحت شعار “إضراب عام عن الإضرابات” مؤشرا بالغ الأهمية في تنقية المناخ الاجتماعي والمساعدة على الاستقرار وتوفير الظروف المناسبة للنهوض بالاقتصاد التونسي في مرحلة صارت حرجة جدا. ونحن نستبشر بهذا التوجه الجديد لحل المشاكل والخلافات يالحوار وتفادي الإضرابات التي أنهكت الاقتصاد وإن كانت حقا مشروعا.”

وبخصوص مشاركة تونس في منتدى دافوس والجدل حول غياب رئيس الجمهورية أكّد القوماني أنّه “كانت لمشاركات رئيس الجمهورية السابقة في منتدى دافوس آثارا إيجابية سياسية واقتصادية، ولذلك يعدّ غيابه في هذه الدورة خسارة، مهما كانت أسباب الاعتذار التي تعود للرئيس وحده. وقد خلّف غيابه فراغا ملحوظا كما صرّح رئيس حركة النهضة الذي يشارك في هذه الدورة. وإنّ حضور تونس “الرسمية” من خلال السيد وزير الخارجية أو مستشار رئيس الجمهورية، على أهميته لا يعوّض مكانة السيد الباجي قايد السبسي برمزية مسؤوليته وما يتمتع به من كاريزما وإشعاع وعلاقات خارجية لها دورها في نوعية اللقاءات وعقد التفاهمات. وربما ينال تغيّب رئيس الدولة عن دافوس من سمعة تونس ويؤثر على مصالحها سلبيا.”

وعن الجدال حول مشاركة الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة يقول القوماني: “يشارك السيد راشد الغنوشي في منتدى دافوس بصفته ضيفا للمرة الرابعة على التوالي بدعوة وتغطية مالية من المنظّمين، وهذا شرف له ولحركة النهضة ولتونس أوّلا. وهذا الحضور المتكرّر يعكس الوزن السياسي لحركة النهضة التي يُنظر إليها خارجيا على أنها عنصر استقرار سياسي مهمّ ومشارك فاعل في نجاح الانتقال الديمقراطي وطرف جدّي في البحث عن أنجع السبل للنهوض بالاقتصاد التونسي. وأكرّر مرة أخرى أنّ الغنوشي يتمتّع بسمعة إيجابية في أوساط واسعة ومؤثرة في العالم، وله شبكة علاقات خارجية هامة، وهو استثناء بين الزعماء السياسيين الحاليين، الذي يمكن الاستفادة منه من خارج مؤسسات الدولة لخدمة تونس. وهذا ما لا ينفك يفعله ضمن ما يسميه بالديبلوماسية “الشعبية”. فهو لا يمثل تونس رسميا ولم يكلّف بذلك، لكن من حقه وواجبه أن يلتقي بكل من يمكن أن يقدموا العون لتونس من أصدقائها ويستمع ويقترح، أما القرارات والاتفاقات والتفعيل فهي من شأن المؤسسات الرسمية. والسيد الغنوشي يعمل في تناغم مع سياسات تونس الخارجية الرسمية، وكل الانتقادات الموجة إليه، مناكفات سياسية وضجيج وخزعبلات أحيانا، لا تدلّ على نضج وإدراك لمصالح تونس، ونأمل أن يكفّ عنها أصحابها.”
كما شهد الأسبوع المنقضي جدلا حول إعادة وكالة الاتصال الخارجي ويرى محدّثنا في هذا الخصوص: “وكالة الاتصال الخارجي التي تمّ حلّها بعد الثورة لسمعتها السيئة ودورها السلبي في خدمة نظام بن علي وشخصه على حساب تونس، ولما عُرف عنها من توجيه للإعلام وشراء ذمم إعلاميين بالداخل والخارج، عناصر تجعل الاعتراض على إعادتها مفهوما. فكما يقول المثل الشعبي “اللي يتكوى بالشربة يولّي ينفخ على السلاطة”. لكن تونس تظل بحاجة إلى مؤسسة إعلامية ترعى سمعتها في الخارج، خاصة أنّ المغرضين والمتربصين بتونس غير خافين بالخارج، وبعض الرسائل التي يبعثها الإعلام الداخلي تحتاج إلى التعديل على غرار الرسالة السلبية والمُخيفة التي يتلقاها المتابعون والمستثمرون من خلال الحديث اليومي عن كشف خلايا إرهابية وإيقاف متهمين بالإرهاب… وفي كل الأحوال لا بد من تحقيق المقصد.”

كما تواصلت حملة فاش نستناو ؟ احتجاجا على قانون المالية الجديد ويرى القوماني أنّ “حملة فاش نستناو؟ تتواصل مطالبة بإطلاق سراح الموقوفين وإيقاف التتبّعات ضدهم وأيضا المطالبة بإسقاط ميزانية 2018…وتفاصيل أخرى. وألاحظ تراجعا كبيرا في زخم الحملة من خلال الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها يوم الجمعة أمام مجلس نواب الشعب على سبيل المثال. فخطاب المتحدّثين باسم الحملة لم يلق تجاوبا لأنه يخلط بين الدفاع عن حق التظاهر السلمي الذي يكفله القانون، والدفاع عن المتورطين في العنف والجريمة ومخالفة القانون. كما أنّ منحى الجريمة والنهب الليلي نال بسرعة من شرعية بعض المطالب. وأعتقد أنّ عموم التونسيين “يستناو” في الاستقرار والتنمية والتشغيل وإجراء الانتخابات المحلية … وهم ينتصرون للدولة وسيادة القانون على كلّ نزعات الفوضى.”

ومن اللافت في الحراك السياسي والحزبي خلال الأسبوع المنقضي أيضا تبادل الخطابات العنيفة بين النهضة والجبهة الشعبية ويذهب القوماني إلى أنّ “الخطابات العنيفة أو الموتورة بين الجبهة الشعبية وحركة النهضة لا مبرّر لها ولا مصلحة من ورائها للجهتين وللبلاد. والتنافس السياسي السلمي مشروع ومطلوب، لكن له معجمه وحدوده. وتوتّر الخطاب السياسي توتير للمشهد وإعداد له للسيناريوهات السيئة التي ينشدها المتربصون بالمسار الديمقراطي. وحركة النهضة أدانت في البيان الأخير للمكتب التنفيذي، “دعوات التخوين أو التكفير أو التحريض التي تنال من الاشخاص أو الهيئات، والمطالبة بتتبع كل من يقف وراء ذلك، وتنقية الفضاء العام من كل المنابر والصفحات والمواقع المشبوهة التي تحاول زرع الفتنة بين التونسيين”. والنهضة إذ تعتبر كل اتهام باطل ضدها تحريضا عليها، فهي تمتنع عن التحريض عن الغير مهما كان. ومهما حصلت من تشنجات في الخطاب هنا أو هناك، فالأكيد أن الجبهة الشعبية ليست مشكلة النهضة ولا عدوّا لها، وهي منافس نصارعه ديمقراطيا ونرى له مكانه المحفوظ في الوطن ونقبل بالتعامل معه في الحكم أو في المعارضة ونرجو أن تعاملنا الجبهة الشعبية بالمثل.”

وحول الحديث عن تفكير داخل النهضة في الخروج من حكومة الوحدة الوطنية يقول محدّثنا: “حركة النهضة مستمرّة في المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة السيد يوسف الشاهد وداعمة لها. وسؤال الخروج من الحكومة فيما أعلم لم يُعرض رسميا في جدول أعمال أيّة مؤسسة للحركة، وليس من مشاغلها. لكن ذلك لا ينفي االتعبير عن هذا الرأي في سباق ما داخل الحركة، وهو أمر عادي ومشروع، فحق الرأي مكفول للجميع داخل الحركة كما في البلاد، وليس محظورا أن تفكر الحركة أو بعض أبنائها في مختلف السينايوهات السياسية لخدمة البلاد من موقع أو آخر. وأشدّد على أنّ حركة النهضة باقية في الحكومة ومتحملة لأعباء المرحلة من موقع المشاركة في الحكم ولن تتخلى عن مسؤولياتها، وترى في استقرار الحكومة عنصرا إيجابيا لمواجهة التحديات وإنجاز الإصلاحات وتأمين المسار الانتخابي.”

مشاركة

    0 Comments

    No Comment.

    %d مدونون معجبون بهذه: