محمد القوماني لـ«التونسية»: منحازون للثورة .. ومع تحالف سياسي انتخابي.

محمد القوماني (رئيس حزب الإصلاح والتنمية) لـ«التونسية»: منحازون للثورة .. ومع تحالف سياسي انتخابي.

 

جريدة “التونسية” بتاريخ 09 جوان 2014

حوار: صباح توجاني

 

 

أثارت المصادقة على هيئة الحقيقة والكرامة وإلغاء جميع الطعون الموجهة لتركيبتها، الكثير من الانتقادات سواء من حيث الشكل أو المضمون أو من حيث تغافلها عن بعض الفصول القانونية والترتيبية التي لم تحترمها، على حد قول ناقديها.محمد القوماني رئيس «حزب الإصلاح والتنمية» يرى أن هذه الهيئة قد تجعل ضحايا انتهاكات أحداث  الثورة وما قبلها يشعرون بخيبة أمل بعد أن علقوا عليها أمالا عريضة، كما يعتقد القوماني بان القانون الانتخابي الجديد هو إعادة صياغة مشددة للقانون الذي نظم انتخاب المجلس التأسيسي، وأنه حسب رأيه قانون يكرس هيمنة الأحزاب الكبيرة وسطوتها المالية، ويضيق في نفس الوقت على الأحزاب الصغيرة والمستقلين الى جانب انه لا يمنح أيّ امتياز للأحزاب لجمع أصواتها على الصعيد الوطني لتستفيد من صفتها ووجودها التنظيمي مقارنة بالقائمات المستقلة.
وأكد محمد القوماني في حواره مع «التونسية» أن أداء حكومة التكنوقراط كان في مجمله غير متناسق مع المهام الموكولة لها مشيرا الى انها اهتمت بمسائل إستراتيجية وأهملت الملفات العاجلة. أما في ما يتعلق بأداء مؤسسة الرئاسة، فقد أوضح ضيفنا أن الدكتور المرزوقي ما فتئ يتعرض منذ توليه هذا المنصب الهام في الدولة إلى استهداف ممنهج من قبل بعض الأطراف وان اداءه المثير للجدل وشخصيته الصدامية ربما ساعدا في تسهيل مهمة خصومه أحيانا.

قال محمد القوماني إن هيئة الحقيقة والكرامة التي تمت المصادقة عليها مؤخرا من طرف المجلس الوطني التأسيسي تضطلع بموجب القانون المحدث لها بدور حيوي في تحديد مستقبل الثورة والمصالحة الوطنية والقطع مع المنظومة القديمة باعتبار انها ستتولى النظر في تجاوزات تمتد على قرابة ستة عقود أي منذ جويلية 1955 إلى ديسمبر 2013 . واضاف : « ويستوجب هذا الدور ان تكون الهيئة محل ثقة الأطراف المعنية من الضحايا والمتهمين وأن تحظى بأوسع تاييد شعبي، لكن للأسف هذه الهيئة تاخرت كثيرا عن موعدها ثم تمّ تشكيلها والمصادقة على تركيبتها في ظروف استعجالية في ظل مخالفة واضحة للقانون المحدث لها، ووسط عشرات الطعون التي لم تؤخذ بعين الإعتبار ، وفي ظل جدال سياسي وقانوني كبيرين…مما أضعف هذه الهيئة في انطلاقتها وافقدها الزخم المعنوي المطلوب.
ويبدو أن التحصين الذي أعطي للقانون وللهيئة، يعكس التوافقات التي كرسها الحوار الوطني، وربما ذلك يحدد مسبقا سقف العدالة الانتقالية، ويجعلنا لا نشعر بالإرتياح لهيئة صادق عليها اقل من نصف اعضاء المجلس التأسيسي بالجملة وليس عضوا عضوا. ونخشى من خيبة امل للضحايا ولعموم التونسيين في مستقبل العدالة الإنتقالية بعد خيبتهم في المجلس التأسيسي وفي حكومات ما بعد الثورة.
هل  يقف «حزب الإصلاح والتنمية» مع الداعين الى حل المجلس التأسيسي «ذي العمر الطويل»؟؟؟


ـ  نحن في «حزب الإصلاح والتنمية» غير راضين عن أداء المجلس التأسيسي عموما خاصة وقد ضيع فكرة التأسيس منذ انطلاقته ولم يقيّم المرحلة السابقة، ولم يطرح حوارا كان مطلوبا حول مشروع وطني جديد لتونس، وحصر مهمة التأسيس في سن الدستور الجديد الذي تأخر ثلاث سنوات كاملة، كما ان البث التلفزي المباشر لجلساته العامة اعطى انطباعا سيئا عنه، ونحن نحمل رئاسة التأسيسي جزءا هاما من ضعف أدائه وضياع بوصلته.
ومع ذلك، نرى ان استمرار هذا المجلس الى حين اجراء الإنتخابات وتشكيل مجلس جديد ، لا بديل عنه، واي صيغة اخرى ستكون انقلابا مقنعا او تنكرا للإرادة العامة للناخبين يوم 23 اكتوبر 2011
وعليه، وما دمنا تحملنا الكثير من هذا المجلس، فلا ضير من تحمل الأشهر المتبقية وهي قليلة، كما لا يمكن ان تمارس السلطة التنفيذية مهامها في الرئاسة والحكومة خارج رقابة ممثلي الشعب…وربما المهام المتبقية في عهدة المجلس التاسيسي بعد الدستور والقانون الإنتخابي والهيئات الرقابية لن تجعله محورا للإهتمام في المرحلة القادمة، وربما لن تكون جلسات المجلس ثقيلة على التونسيين مستقبلا.
كيف يقيّم حزبك أداء حكومة التكنوقراط بعد 130 يوما من تسلمها السلطة ؟
ـ بعد اكثر من 100يوم من عمر هذه الحكومة، يمكن القول بانها كرست الإستمرارية ولم نكتشف إضافة نوعية لـ«التكنوقراط»، ويبدو ان الظروف الموضوعية الصعبة محليا واقليميا ودوليا تجعل اجتهادات الحكومة، مهما كانت، ضعيفة الأثر. فالواقع اقوى من الإرادة والتصريحات ، واهم مهمة استعجالية تعهدت بها حكومة جمعة، وكان يمكن ان نقيس بها توجهاتها هي الميزانية التكميلية، لكن حكومة عمرها الإفتراضي اقل من سنة، لا تضع هذه الميزانية بعد 100 يوم تكون مخلة بواجبها….ونخشى ان تتجاهل هذه الحكومة مهامها المحدودة والإستعجالية ، وتدخل في مواضيع استراتيجية تتعلق بمنوال التنمية او بالإختيارات الكبرى في بعض القطاعات الحيوية أو الإصلاح الهيكلي للاقتصاد او في السياسة الخارجية، وهي غير مخولة لذلك لأنها لا تعكس ارادة الناخبين ولا يتيح لها الوقت معالجة هذه المسائل.
وعموما فان من مزايا هذه الحكومة انها بادرت بالحوار السياسي مع الأحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي ورفعت شعار «التشاور والشراكة» ، وهذا توجه نثمنه مع دعوتنا الى توسيعه الى اطراف اخرى غير ممثلة في المجلس.
كما ان هذه الحكومة جنبت الى حد الأن الجهاز التنفيذي، ضغط التجاذبات الحزبية والضغط الإعلامي مقارنة بسابقاتها…ولكن خلال الأيام الأخيرة، بدأت ترتسم اجواء سلبية في علاقة بالحكومة خاصة في ما يتصل بالتجاوزات الأمنية وانتهاك حقوق الإنسان باسم مقاومة الإرهاب وفرض القانون، على غرار ما حصل يوم 9 افريل الماضي بمدينة الروحية خلال المداهمات الأمنية للأحياء السكنية، فضلا عن عودة بعض الأساليب المدانة سابقا من المداهمات الليلية لمنازل المطلوبين والتضييق على المتدينين استنادا الى شبهة اللباس او التعاطي مع مواد اعلامية او اصدارات معينة.
فما لاحظناه ان هناك عودة واضحة الى التفتيش في الضمائر والأفكار وهذا سلوك جد خطير.
لم تسلم مؤسسة الرئاسة وساكن قصر قرطاج من حملة انتقادات جاءت في اغلبها في شكل حملة ممنهجة زادت شغف الرئيس المرزوقي بالتصريحات النارية المثيرة للجدل، لو سالتك عن رأيك في ادائه، ماذا تقول ؟
ـ مؤسسة الرئاسة التي قيل عن صاحبها ان له فيها صلاحيات محدودة حتى أنها تكاد تكون شكلية، اضحت محل جدال واثارة خلال السنوات الثلاث الماضية من وجود الدكتور المنصف المرزوقي على راسها الذي يمكن القول بأنه لم يكن مقنعا في اغلب الأحيان ولم يدلل على ممارسته ما يرفعه من شعارات في المحاسبة وفي ان يكون رئيسا لكل التونسيين من خلال إدارته لقصر قرطاج….بل إن استقالته من رئاسة حزب «المؤتمر»، تكاد تكون هي الأخرى شكلية.
ويكفي ان عددا مهما ممن جاء بهم مستشارين، غادروا قرطاج غاضبين ساخطين وهذا مؤشر سلبي في حد ذاته…ولكن حتى لا نظلم الرئيس، لا بد ان نذكر انه يتعرض منذ توليه هذا المنصب الهام في الدولة الى استهداف ممنهج من قبل بعض الأطراف. وربما ساعد أداؤه المثير للجدال وشخصيته الصدامية في تسهيل مهمة خصومه احيانا.
ولكن تصريحاته خارج ارض الوطن التي تضمنت زلات عديدة اساءت الى علاقاتنا مع بعض الدول الصديقة والشقيقة التي اعتبرت مواقفه تدخلا سافرا في شؤونها.
ـ  اهم ما في تصريحات السيد الرئيس التي اتابعها في اغلب الأحيان، انها غير نمطية وتحاول ان تخرج عن المألوف، وهو أمر ايجابي من شخصية تنسب الى الفكر والأدب والنضال المدني والحقوقي. ولكن بعض التصريحات تخرج من التجديد الى الإستفزاز واحيانا عدم تقدير تبعات الكلام في الداخل والخارج. وهذا ما جعل اغلب خطابات الرئيس المرزوقي خاصة الحماسية منها، وتصريحاته الصحفية تثير ردود افعال سلبية وتضطره احيانا الى التراجع عنها او تفسيرها او تبريرها او اعادة صياغة الموقف برمته.
وعموما اعتقد ان علاقاتنا الخارجية لم تتأثر سلبيا بتصريحات الرئيس المرزوقي…ولكنها تأثرت ربما بأمور أخرى…
ولا يجب ان نتغافل عن معطى هام جدا ذلك ان الدكتور المرزوقي هو رئيس دولة قامت بها ثورة وهو محمول بحكم تاريخه السياسي والحقوقي على ان يكون جريئا في بعض المسائل مثل مطالبته باطلاق سراح رئيس منتخب هو الرئيس المصري محمد مرسي….
وحزبك يستعد لخوض الإنتخابات، هل لديكم برنامج تحالفات مع احزاب سياسية اخرى ؟؟


ـ  حزبنا رفع شعار «منحازون للثورة، عاملون على الإصلاح» خلال مؤتمره الأخير المنعقد في شهر مارس الماضي…حيث حدد المؤتمرون طبيعة التحالفات السياسية والإنتخابية التي عهدوا بها الى اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب، ونحن جميعا في الحزب مطالبون بالالتزام بهذا الشعار، وعليه نعمل على عقد التحالفات السياسية مع القوى التي نقدر انها منحازة الى الثورة وقادرة على هزم المنظومة القديمة انتخابيا.
ونحن مبدئيا نباشر حوارا مع مكونات الإئتلاف الوطني لإنجاح المسار الديمقراطي ومن بينها حركة «النهضة» لتحديد مستقبل هذا الإئتلاف على ضوء المتغيرات السياسية والإستحقاقات الإنتخابية التشريعية منها والرئاسية.
كما اننا منفتحون على حوارات أخرى مع أحزاب وشخصيات وأطراف في المجتمع المدني منشغلة بمخاطر عودة المنظومة القديمة ، ونحن في حزب الإصلاح والتنمية نفضل الدخول  الى الإنتخابات المقبلة في تحالف سياسي انتخابي، ولكننا نولي اهمية بالغة للتمسك بمبادئنا والوفاء لنهجنا الفكري والسياسي على حساب أية رهانات».

 

مشاركة
    0 Comments

    No Comment.

    %d مدونون معجبون بهذه: