سجّل يا تاريخ (9)
انتفاضة شعبية صامتة
العزوف الواسع جدّا عن انتخابات 17 ديسمبر 2022، “سحب وكالة” من قيس سعيد بلا شك، وسقوط مدوّي “من علوّ شاهق” لمسار 25 جويلية.
ولكن أيضا، العزوف الواسع عن الانتخابات، انتفاضة شعبية صامتة ضدّ الطبقة السياسية برمّتها، وبطاقة صفراء في وجه “العملية السياسية”. وإذا لم يتمّ التقاط القوى الحيّة لرسالة عموم الشعب، ستكون العواقب كارثيّة. فقد دقّت ساعة التغيير والتجديد، وعلينا بالتدارك قبل فوات الأوان.
لا مفرّ من مرحلة انتقالية جديدة، تستأنف المسار الديمقراطي. تكون من أولوياتها، إنقاذ اقتصادي واجتماعي عاجل، بوقف نزيف المالية العمومية، وتحسين العيش النّكد لعموم المواطنين. ثمّ إصلاحات دستورية وقانونية، تحصّن المؤسسات الديمقراطية، والمسار، وتهيئ البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية تعددية وشفافة، تعيد الكلمة للشعب صاحب السيادة، وتمنح شرعية الحكم للفائزين بالأغلبية.
ولكن لنجاح ذلك كله، بل من شروط النجاح، تحتاج تونس إلى توافق على مشروع وطني واضح المعالم، وإلى طبقة سياسية جديدة، وإلى عروض سياسية مُجدّدة، تتنافس على برامج واقعية لتحقيق المشروع الوطني الجامع. وما ذلك على التونسيات والتونسيين بعزيز. “وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم”.