حوار موقع بيان نيوز 26.8.2016 (ج1): الثورة كشفت عن عوائق بنيوية في النخبة والمجتمع
نشر بتاريخ: 26 آب/أغسطس 2016
حاوره منير بلغيث
- الثورة كشفت عن عوائق بنيوية في النخبة والمجتمع
- تحولت الثورة الى تركة للصراع على المناصب دون مضامين حقيقية قادرة على حكم البلاد
- بتعيين يوسف الشاهد نكون وقعنا فيما يسمى بالتغول
- استطاع السبسي بحنكته السياسية ان يفرض نظاما رئاسيا في الممارسة دون ان يحتاج الى تغيير الدستور
- هذه الحكومة ستكون أكثر ضعفا حتى من حكومة حبيب الصيد من ناحية الانسجام والعمل كفريق واحد
أحرق سفينته بعد انتخابات 2014 وقال ان المشهد لا يحتمل كثرة الزوارق التي سرعان ما تغرق، دعا الى تأسيس كيان حزبي قادر على المنافسة الفعلية. لم يجد آذانا تصغي اليه فأعتزل العمل السياسي لكته لم يعتزل الاهتمام بالحياة السياسية، فتحول إلى ناقد ومحلل..، فكان لنا هذا الحوار معه في جزئه الاول
n ست سنوات منذ ان احرق البوعزيزي نفسه ماذا تحقق حسب رأيكم من هذا المسار الذي تعيش على وقعه البلاد؟
- انا أصف ما وقع في تونس بالفرصة المهدورة، فالثورة في إعتقادي كانت حقيقية أتاحت لنا فرصة ثمينة للقيام باصلاحات امتنع النظام السابق عن القيام بها، لكن هذه الثورة كشفت كذلك عن عوائق بنيوية في النخبة والمجتمع اهمها ان الأحزاب السياسية عوض الانكباب على البناء والاصلاح دخلت في صراعات ايديولجية تعود الى عقود سابقة وخاصة ما سمي بالصراع الاسلامي العلماني وهو صراع عقيم لم يعط اي نتيجة تذكر، ثم انتاب المسار ضبابية في الرؤية هل نحن بصدد ثورة او تحول ديمقراطي؟ فالثورة في نظري لم تستكمل لا عربيا لانها وقعت في بلدان دون اخرى وفي تونس لم تستكمل لان من قادوا البلاد لم تكن لديهم رؤية لما يجب فعله لانجاح هذه الثورة، فكل ما حدث حسب اعتقادي وراثة لحكم سابق ولم يكن قيادة لحكم جديد، وهو ما حول الثورة الى تركة للصراع على المناصب دون مضامين حقيقية قادرة على حكم البلاد الى جانب الدور السلبي للاعلام الذي عمل على اخراج الثورة في ثوب المصيبة التي حلت بالبلاد وقد نجحت في تيئيس التونسيين من المستقبل.
n لنأتي الى مبادرة الرئيس وحكومة الوحدة الوطنية، هل التركيبة التي اعلن عنها يوسف الشاهد ترجمت بالفعل شعار المبادرة ان تكون حكومة وحدة كما أراد رئيس الجمهورية؟
- مبادرة الرئيس تكشّف فشلها منذ البدابة وتبين انها مبادرة فقط لازاحة حبيب الصيد دون تغيير في طرق الحكم ولا مضامين الحكم، فالتركيبة حاولت الاستجابة لعنوان الوحدة الوطنية شكليا بتوسيع قاعدة الأحزاب المشاركة في الحكم ، لكن سياسة الترضيات والاصرار على ادخال وجوه من المعارضة في التركيبة اعتقد انه سيعرقل عملها وستعاني من نفس المشكل الذي عانت منه حكومة الصيد وهو عدم الانسجام بين أعضائها، وأنا وصفت الحكومة بعد الاعلان عنها بانها حكومة “متنوشة” وهي تعبيرة شعبية عن خليط غير منسجم يبن مكونات حكومة الشاهد وأنا اعتقد انها ستكون أكثر ضعفا حتى من حكومة حبيب الصيد من ناحية الانسجام والعمل كفريق واحد، إلى جانب ان الشخصية المكلفة ليس لديها القدرة على مسايرة هذا التناقض والتغطية عليه وتوجيه الفريق لخدمة الصالح العام. وانا اعتقد كما ذهب اليه البعض ان التركيبة تحكمت فيها لوبيات المال والأعمال من وراء الستار
n اصرار رئيس الجمهورية على مشاركة اتحاد الشغل في هذه الحكومة اعتبره البعض محاولة لاستيعاب المنظمة لكي لا تعرقل عمل الحكومة، بهذه التركيبة هل نجحت مؤسسة الرئاسة في هدفها؟
- اتحاد الشغل كان دائما يصرح ان لا علاقة له بالتشكيلة، لكن تبين أن له علاقة بالتركيبة فاعترض على بعض الوزراء وترشح اثنان محسوبان عليه هما البريكي والطرابلسي وهو ما يجعل بصمة الاتحاد واضحة في هذه التركيبة، لكن أنا اعتقد ان هذا كله لا يضمن تأييده للحكومة بدليل ان الاتحاد كان المهندس لحكومة مهدي جمعة ولتركيبتها لكنه كان من اشرس المعارضين لها، وانا اعتقد ان نفس التمشي سيبقى من طرف اتحاد الشغل تجاه هذه الحكومة، نحن في تونس بعد ابعاد الترويكا لم تعد توجد جهة تتحمل اوزار الحكم ، فاصبح الجميع يتعامل مع الحكم على قاعدة “داخلين في الربح خارجين من الخسارة”
n تعين يوسف الشاهد اعتبرة العديد الاعلان الرسمي عن عودة النظام الرئاسي بفعل قوة الممارسة، فهل نحن فعلا أمام عودة النظام الرئاسي ام كلها مجرد افتراضات لا غير؟
- اولا بتعيين يوسف الشاهد نكون وقعنا فيما يسمى بالتغول لأن الرئسات الثلاثة كلها في يد حزب واحد وهو النداء، ثم ان الباجي قائد السبسي عبر في اكثر من مناسبة عن عدم تأييده للنظام الذي اقره الدستور الجديد بتعلة ان التونسيين تعودوا على النظام الرئاسي ويفضلونه الى جانب الكريزما التي يتمتع بها الرجل ومقولته المشهورة “انا ما نحب يحكم معايا حد” وهو كذلك، فالرجل من سلالة المدرسة البورقيبية الفردانية التي تعودت على مرض الزعامة والتفرد بالحكم والكل على علم ان الرجل كانت له الرغبة في تغير الدستور لكن هذا ليس متاحا له الآن، نتيجة حداثة هذا الدستور ووجود جبهة رافضة لذلك لا يستهان بها، لكن استطاع بحنكته السياسية ان يفرض نظاما رئاسيا في الممارسة دون ان يحتاج الى تغيير الدستور، وبالتالي المرحلة القادمة ستكون بصمات قصر قرطاج واضحة بشكل كبير.
في الجزء الثاني سنتعرض إلى موقف الاحزاب المشاركة من حكومة يوسف الشاهد او المعارضة لها؟ وكيف ستتعامل معها وهل بامكانها ان تنجح في مهمتها؟
تابع