حوار جريدة الصحوة في 10 ديسمبر 2014: هزيمة القوى المنتصرة للثورة في الانتخابات الاخيرة
حوار جريدة الصحوة 10 ديسمبر 2014
حاوره: منير بلغيث
هزيمة القوى المنتصرة للثورة في الانتخابات الاخيرة تعكس تشرذم هذه القوى وعدم قدرتها على تقديم البديل
- النهضة غيّرت خطابها وسلكت اتجاها سياسيا أضاع هويتها دون أن يقنع خصومها السياسيين بأنها فعلا تغيرت
- أتمنى أن نحمي خيار الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة وأن نعتبرها أساسا وحيدا لشرعية الحكم
تقلبه في عديد المناصب الهامة السياسية والحقوقية أكسبته القدرة على استشراف المستقبل والتحليل الجيد لمقتضيات الواقع، نشاطه الحقوقي كعضو في رابطة حقوق الانسان سنوات الجمر يجعل صوته يعلو محذرا التونسيين من عودة ما يسميه هو الاستبداد من خلال بوابة النداء وهو ما جعله يعلن منذ البداية مساندته لترشح الدكتور المرزوقي كقوة قادرة، في نظره، على أن تقف سدا منيعا أمام عودة الثورة المضادة التي يعتبر أن بشائرها بدأت تلوح في الأفق، وهو الآن بصدد إحراق زورقه الحزبي على أمل أن يقنع أصحاب الزوارق الأخرى أن يقوموا بنفس الشيء ويلتحقوا بمركب وطني يمثل البديل لكسر ثنائية النداء والنهضة. التقت به الصحوة على هامش ندوة نظمتها حملة الدكتور المرزوقي مع المثقفين فكان لنا معه هذا الحوار الشامل:
- في البداية تقييمكم لما أفرزته انتخابات 26 أكتوبر التشريعية؟
انتخابات 26 أكتوبر أفضت الى نتائج وُصفت بالزلزال السياسي، وهو وصف قريب من الواقع لأن بعد أربع سنوات من الثورة يُعاد التصويت في المرة الأولى لحزب لا تخفى ارتباطاته بالمنظومة القديمة خاصة استعماله للماكينة الانتخابية للتجمع التي ظهرت خلال الانتخابات الاخيرة، وهذا أعتبره زلزالا مدويا وانتكاسة لوهج ثوري كنا نعتقد أنه سيمضي بنا بعيدا، نتائج الانتخابات كانت فيها دروس واضحة، شخصيا وقفت عليها منذ أن بدأت التسريبات الأولى ومفادها أن هناك تصويت عقابي مستحق ضد الترويكا التي خيبت من أعطوها الثقة في 2011 حتى الاصوات التي تحصلت عليها النهضة وضمنت بها المرتبة الثانية كانت نتيجة طبيعية للقاعدة الشعبية التي راكمتها طيلة 40 سنة من العمل، لكن في النهاية أنا أعتبرها هزيمة للنهضة على اعتبار أنها خرجت من المرتبة الاولى وبالتالي فقدت إمكانية تشكيل الحكومة والتحكم في تشكيل المشهد السياسي الجديد، والنتيجة الثانية هزيمة القوى المنتصرة للثورة وهي تعكس تشرذم هذه القوى وعدم قدرتها على أن تقدم البديل بعيدا عن ثنائية النداء- النهضة فعجزت عن تنظيم قوة قادرة على إعطاء خيارات بديلة لما هو موجود، وهي حسب اعتقادي مستحقة لأدائها الضعيف طيلة 4 سنوات الذي تميز بالشخصنة والمراهقة السياسية، هذا كما لا ننسى دور المال السياسي الذي لعب دورا هاما في نتائج هذه الانتخابات، وشخصيا أعتقد أن الحملة الانتخابية كانت حدثا عابرا ولم يكن لها تأثير في النتائج بل إن الماكينة التي اشتغلت على شراء الاصوات في الأوساط الضعيفة ذات الدخل المحدود كان لها دورا أساسيا، وهو ما طعن في مصداقية العملية الديمقراطية وأضعفها من خلال تزييف جزء هام من إرادة الشعب من خلال هذا المال الفاسد.
- الطبيعة لا تقبل الفراغ، والمكان الذي تركتموه فارغا ملأه نداء تونس فلماذا تلومون النداء على أدائكم الذي لم يكن في مستوى طموح الشعب؟
أولا لا بد أن نعترف أن الاستبداد والمنظومة القديمة ليست مجرد قشرة تغطي الواقع وإنما هي ذهنيات وشبكات فعلت فعلها في المجتمع من خلال الاعلام والمال والعلاقات التجارية وما كنا نسميه بـ”الدولة العميقة” تعبيرا على أن المنظومة القديمة ليس من السهل القفز عليها أو تجاهلها. كما يجب أن نعي جيدا أن الكيانات التنظيمية الحالية سواء كانت استمرارا لما قبل الثورة أو التي تم إنشاؤها بعد الثورة تبين أنها صيغ تنظيمية عاجزة على التنافس وعاجزة عن أن تكون قوى جاذبة وفاعلة في الساحة السياسية التونسية، بالتالي يجب على هذه القوى القيام بمراجعة عميقة لتقديم أطروحة قادرة على كسر الاستقطاب الثنائي، بمعنى الخوف من النداء يساوي التصويت للنهضة والعكس صحيح، وعلى القوى المنخرطة في مسار الثورة الحقيقي تبنّي خطاب قريب من مشاغل الناس وهمومهم ولا يكتفوا بتميزهم النضالي ضد الاستبداد طيلة العقود الماضية.
- الزلزال الذي وقع في الانتخابات التشريعية كما وصفتموه، ألا تعتقد أن حركة النهضة كانت السبب الرئيسي وراءه، وأضراره الجسيمة لحقت بكم أنتم كأحزاب وسطية؟
أنا كنت أعتبر دائما أن حركة النهضة مثّلت دائما صمام أمان ضد عودة المنظومة القديمة في انتخابات أكتوبر 2011 لكنها للأسف سقطت في نوع من البراغماتية السياسية ونوع من الدوران حول ذاتها وعجزت على أن تثري رصيدها الفكري والنضالي بقوى جديدة، فحافظت على نفس الخزان الانتخابي الذي تراجع أمام الاخفاقات التي عرفتها الحركة طيلة حكمها في الواقع، ثم إن السيناريو المرعب الذي وقع في مصر زاد من مخاوف حركة النهضة من تبعات ذلك إقليميا ودوليا عليها في تونس، فغيّرت خطابها وسلكت اتجاها سياسيا أضاع هويتها دون أن يقنع خصومها السياسيين بأنها فعلا تغيرت. هم يتعاملون معها بنفس الخلفيات السابقة رغم الجهود التي تبذلها على مستوى الخطاب الفكري أو السياسي، وأمام فشل حركة النهضة أن تكون رافعة لخيارات جديدة لتونس وعجز القوى الثورية عن خلق بدائل تعطي فرصا جديدة للناس الذين خابت آمالهم من سياسات النهضة، وفي نفس الوقت لا يريدون العودة الى المنظومة القديمة. الفراغ السياسي والتنظيمي هو فراغ حقيقي البعض يصفه وسط اجتماعي، وأنا شخصيا لم أعد مقتنعا بهذا التصنيف لأن الوسط الاجتماعي موجود بصورة ما في حركة النهضة كما الامر في حركة نداء تونس وبالتالي ليس حكرا علينا، ومضمون هذا البديل ربما شكلت الجبهة الشعبية بعض أبعاده لكن عندما وضعت يدها مع يد المنظومة القديمة في مناكفة ايديولوجية حادة مع حركة النهضة أضاعت هذه الفرصة وأن تكون بديلا، إذن نحن ورغم الزلزال الذي أصابنا بعد الانتخابات منفتحين على هذا الحلم.
- البعض ذهب الى اعتبار ما وقع يوم الجلسة الافتتاحية في مجلس نواب الشعب هو تعميد الاتفاق الذي وقع في باريس، فما رأيكم أنتم؟
أنا لا أحبذ وصف ما وقع بين الشيخين بترتيب من قوى نجهلها الى حد الآن وبوساطة من سليم الرياحي كما يدعي هو، لا أنظر اليه كصفقة بل هو تفاهم تم بموجبه رسميا الاقرار من حركة النهضة بأنها لا تبني مستقبلها السياسي على رفض المنظومة القديمة ممثلة في الجذور التجمعية والدستورية، وفي المقابل تم الاقرار من الباجي قائد السبسي بقبول حركة النهضة كشريك سياسي لبناء تونس الجديدة، فخرجت صيغة أن تونس لن تحكم بحزب واحد أو طرف واحد وبدأ الترويج بما سمي بالتوافق، بقية التفاصيل التي حصلت في الحوار الوطني والانتخابات وبدايات تقسيم المناصب في مجلس الشعب الجديد لا أعتقد أنها مسطرة بدقة، لكن كلها تفاعلات في إطار هذا التفاهم الرئيسي، على أن تونس لا بد أن تحكم من قوى جديدة عبرت عنها النهضة وقوى قديمة عبرت عنها حركة نداء تونس، فانعكس مصالحة بين المنظومة الدستورية والاسلامية ولا أستبعد أن يكون برعاية قوى إقليمية كان لها دورا كبيرا في هذه المصالحة.
- رأيكم فيما وقع في الجلسة الافتتاحية للمجلس، وهل هو مؤشر على تحالف قادم بين النهضة والنداء، وانعكاس ذلك على حظوظ مرشحكم في الانتخابات القادمة؟
أعتقد إلى حد الآن أن ما حصل من ترتيبات حول منصب رئيس مجلس الشعب هو انعكاس طبيعي لموازين القوى، الحزب الاول أخذ الرئاسة الحزب الثاني أخذ النيابة الأولى والحزب الثالث أخذ النيابة الثالثة، بترتب وليس بتحالف، ومفاده أن نداء تونس يمكن أن يدخل بمغامرة لو قدمت حركة النهضة مرشحا للرئاسة، فإما أن تجعل نداء تونس مرشحها في فرضية أن لا يمر أو يمر بأغلبية نسبية ستضعفه في المستقبل، وأيضا أرادت حركة النهضة أن ترشح الشيخ مورو وهذا بإلحاح منه في إطار من التفاهم الذي حتى فوزه بالنيابة معرض لاحتمال الفشل أو أغلبية تفشله، فكلاهما كانت لهما مصلحة في ما حدث يوم انتخاب مكتب المجلس، هذا الترتيب يبدو لم يرتق الى تحالفات، فلو أن النداء عرض رئاسة المجلس على النهضة في مقابل امتناع أنصارها عن التصويت للمرزوقي لجاز لنا الحديث عن تحالف بينهما، وفي حقيقة الامر النهضة تشقها تباينات لا تجعلها قادرة على تحييد مناصريها عن مساندة الدكتور المرزوقي، فأغلب قواعد النهضة تدرك أن مصالحها وميولاتها أقرب الى الدكتور المرزوقي منه الى السيد قائد السبسي ما لم تطرح تفاهمات واضحة فيما يخص الحكومة، أعتقد أن الحديث عن تحالف بينهما حديث مستعجل وغير واقعي وأغلب الظن أن موقف النهضة سيستمر في ترك الحرية في الاختيار وليس الحياد كما يروج له.
- تقييمكم للحملة الانتخابية في دورها الأول، ما هو جديد الحملة في دورها الثاني؟
أود في البداية أن أشدد على أننا في حزب الاصلاح والتنمية دعمنا منذ البداية الدكتور منصف المرزوقي في الدور الاول ونواصل دعمه في الدور الثاني ونشارك في حملته الانتخابية، أولا لأننا نقيم المترشح على ضوء الانتخابات التشريعية التي أعطت تقدما لحركة نداء تونس بالتالي يمكن أن يكون لها رئاسة المجلس والحكومة، وتقديرنا أن المرحلة الانتقالية مازالت تحتاج إلى توازن بين السلط، وعليه فرئيس الجمهورية يجب أن يكون من خارج الكتلة النيابية الأولى وهو ما يفسر عدم تقديم حركة النهضة مرشحا للرئاسية تحت ضغط إعلامي وسياسي وحقوقي على أساس أنها ستفوز في التشريعية والدكتور المرزوقي يمثل هذا التوازن، والذي جعلنا ندعم المرزوقي منذ الدور الأول رغم كثرة المترشحين الذين بمقدورهم خلق هذا التوازن، هو أن اختيارنا كان مبنيا على المعطيات الميدانية والثقل الانتخابي لكل مترشح فكان الاختيار على الدكتور المرزوقي لأنه الاوفر حظا على منافسة الباجي قائد السبسي باعتبار منصبه الرئاسي وباعتبار ما ترسخ عند العديد من أنه أكثر ثباتا لمبادئ الثورة من غيره، وتبين بالفعل أن الامور ذهبت الى الاستقطاب بين المرزوقي والسبسي، وأكثر من ذلك دعمنا المرزوقي لأنه أعلن أنه مرشح مستقل، وبالتالي كان مدركا منذ البداية أن حزبه لن يتحصل على نتائج إيجابية. وفي هذه النقطة أعتقد أن الدكتور المرزوقي أحسن قراءة المشهد، بناء عليه فإن حظوظ المرزوقي في تصاعد ودعمنا له بكل تواضع ساهم خاصة في الاسبوع الثاني بإعطائه المزيد من حظوظ الفوز لكن الدورة الاولى جعلتنا نكتشف أنها حملة بدون “ماكينة انتخابية” لأن حزبه لا يمتلك هذه الماكينة، وصفة المستقلّ جعلت الكثير من التنسيقيات تتشكل بصفة عفوية تنقصهم الخبرة في الحملات الانتخابية، وأعطت ضعفا في الاسبوع الأول استطعنا تلافيه في الاسبوع الثاني كما كان لحضور المرزوقي الميداني الانعكاس الكبير. لكن أعتقد أن النتيجة خضعت لمبدأ التوازن السياسي في البلاد وميل الناس لهذا المبدأ أعطت هذه النتائج للدكتور المرزوقي، ولم تكن نتيجة الحملة الانتخابية في حد ذاتها. وفي الاخير المطلوب من المترشح والمنخرطين في حملته التعديل من خطابهم في الدور الثاني وتوضيح بعض الملابسات مثل ثنائية الامن في مقابل الارهاب وتوضيح برنامجه في بعض المسائل التي تقسم النخب التونسية كموضوع المرأة والثقافة وما شابهها ذلك ثم التركيز في زياراته في الدور الثاني على مناطق الشمال الغربي التي لم يزرها في الدور الاول نتيجة ضيق الوقت.
- الحملة الشرسة التي تخاض ضد مرشحكم، ألا تعتقد أنها قلّصت من نسبة فوزه في الدور الثاني؟
الحملة الشرسة ضد المرزوقي لها وجهان، الوجه الأول كانت تعكس تخوفا حقيقيا من جدية المنافسة، بعض أنصار السيد الباجي قايد السبسي كانوا يرون أنفسهم في طريق مفتوح، وكانت النسب المعطاة للمرزوقي في سبر الآراء قبل الانتخابات لا تتجاوز في أقصاها19 بالمئة فكلما كانوا يطلعون على الميدان أن شعبية المرزوقي في تصاعد كانت حملتهم تشتد، وبدورنا كنا نعلم أن منسوب التصويت للمرزوقي كان في ازدياد، فهم يتفاعلون مع الامور الواقعية وهو ما يفسر ما يحصل الآن خاصة بعد التصريحات الاخيرة للباجي القايد السبسي التي أثارت النعرات الجهوية والقبلية التي انعكست إيجابيا لصالح الدكتور المرزوقي وهو ما يفسر ارتفاع منسوب حملة التشويه عليه، أما الوجه الثاني للمسألة فأعتقد أن ما وقع عاد بالنفع على المرزوقي “فرب ضارة نافعة”، فمن غرائب الزمان أن يُتهم المرزوقي المناضل الحقوقي أنه حامي التطرف والارهاب وهذه مفارقة لن تجدها عند إنسان لديه قليل من التفكير السليم، أو أن يتهم المرزوقي المعروف بتلقائيته وتواضعه بالبذخ، وهو أمر مضحك لا يمكن تمريره على الشعب، بل إن هذه الحملات كانت نتائجها عكسية غير الذي كان متوقعا. أما بالنسبة لسؤالك هل المرزوقي استنفذ كل امكانياته ولم يعد باستطاعته تقديم الاكثر، أقول هنا أن المرزوقي لديه الكثير لكي يقدمه وهناك قوى جديدة ستنضاف اليه في دعمها السياسي حتى الحياد الذي تتبناه عديد القوى السياسية في البلاد يصب في صالح الدكتور المرزوقي لان القواعد الانتخابية لهذه الاحزاب لها ميل لمشروع المرزوقي، بالتالي المخزون الانتخابي للدكتور المرزوقي مازال متوفرا ونراهن على استنفار من لم يصوتوا في الجنوب أو الشمال وسنعمل على فئة الشباب الذي خيّر العزوف في المرحلة الاولى لعلنا نجعله يصوت لصالح التوازن السياسي في البلاد.
- ألا تعتقد أنكم بتقديمكم للطعون خسرت فرصة ذهبية لاستغلال الأخطاء التي وقع فيها خصمكم وتمكينه من فرصة امتصاص غضب جزء من الشعب عليه؟
نحن نتعاطى مع موضوع الطعون في أبعاد سياسية ذات علاقة باللحظة الحالية ومستقبل العملية السياسية في الانتخابات التشريعية وقعت خروقات واضحة وتم غض الطرف من قبل مختلف التشكيلات لكن حينما تتكرر هذه الاخطاء في الرئاسية فالسكوت عنها من الناحية المبدئية يشجع المخالفين على الاستمرار في مخالفاتهم دون رادع فأردنا أن نرسل برسالة للطرف المقابل أن الاستمرار في ممارسة نفس الاساليب المشبوهة سيكون له عواقب وخيمة قضائيا وميدانيا، وتركيز بعض قيادات نداء تونس في حديثهم على عدد المراقبين من النهضة والضغط عليها بأن تسحب مراقبيها من العملية الانتخابية يعزز شكوكنا بتأثير حركة النداء على صناديق الاقتراع بطرق غير مشروعة، وثانيا من الناحية السياسية البراغماتية هناك مصلحة لحملة الدكتور المرزوقي لتقيم المرحلة الأولى بهدوء وتفكر جيدا في ما يمكن فعله في المرحلة الثانية، بل إن الوقت يخدم في صالح المرزوقي فكلما تكلم السبسي كثرت زلاته والكل لاحظ أنه بعد تلك الزلات أصبحت حواراته تبث مسجلة تلافيا لأي خطأ ممكن أن يقع منه.
- قراءتكم للمشهد السياسي في حالة عدم فوز الدكتور المرزوقي؟
هنا أحبذ أن أتحدث بصفتي الشخصية، وتحليلي البسيط لما يقع، أن المرحلة القادمة مهما كان اسم الفائز في الرئاسية ستعيش البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي فالحدية التي ظهرت في الدور الاول والذي من المتوقع أن تتواصل في الدور الثاني لا ترسل رسائل إيجابية للاستقرار السياسي فالانقسام على خلفيات سياسية وإيديولوجية تأكدت، فأن يوصف ناخبي المرزوقي بأنهم خارج السياق الوطني أو من الارهابيين هو محور خطاب الاستبداد قبل الثورة فنعت الخصوم بهذه الاوصاف دليل النظرة الاستئصالية التي يتبناها المنافس والحديث عن التوافق أو التشارك مازال حبرا على ورق ولم يفعل على أرض الواقع الى حد الآن لذلك هناك خشية حقيقية على الاستقرار في تونس مهما كان الفائز فوز السبسي سيعمق مخاوف عودة الاستبداد وهي مسألة طبيعية في ظل عودة احتكار السلطة من طرف حزب واحد، وأيضا إذا فاز الدكتور المرزوقي فإن نداء تونس من خلال نبرة الكراهية ورفضهم تطبيق الدستور ورفضهم تعيين رئيس الحكومة لن تقبل سياسيا إعادة انتخابه رئيسا وهو ما سيدخل البلاد في حالة عدم استقرار وستتواصل عملية إضعاف مؤسسة الرئاسة والتهكم عليها، فإذا لم يحصل حرص واضح في الحقيقة من الطرفين على خفض حالة الاحتقان التي تعيش على وقعها البلاد فإن المستقبل لا يبشر بخير، وأضيف حتى وإن فاز الباجي قائد السبسي فإن فوزه سيكون بفارق بسيط وهو أمر غير مطمئن في ظل الاحتقان الذي نعيش على وقعه.
- الا تخافون أن يستثمر الدكتور المرزوقي هذا الالتقاء حوله في قادم الايام خاصة إن فشل في الانتخابات؟
أنا انظر بإيجابية الى هذا الالتقاء حول المرشح المرزوقي وفي اعتقادي أن هذا الالتقاء ليس حول شخص بل التقاء حول مبادئ ومشروع جمع هذه الاطياف، بالتالي تنظيميا لا يمكن للدكتور المرزوقي توحيد هذا الطيف الواسع ولن يكون الشخصية المناسبة لهذا التجميع رغم تقديري الكبير له، وهو ما يحيلنا على بداية حديثنا حول بحثنا عن أفق جديد يوحد هذه القوى على أرضية والطبيعة لا تحمل الفراغ ومن داخل هذه القوى ستخرج شخصية قادرة على توحيد هذه القوى الوسطية التقدمية، خاصة أن الالتقاء بين النداء والنهضة مازال ممكنا في المرحلة القادمة خاصة أن الطرح الاجتماعي للحزبين متشابه بدرجة كبيرة مما يجعل الساحة في حاجة لرؤية جديدة بعيدة عن هذه الثنائية خاصة بعد عجز الجبهة أن تكون هذا البديل، وأنا أميل الى استبدال زوارق وسفن صغيرة اتخذتها عديد الاطياف منذ الثورة والى الآن بسفينة قادرة على أن توصلنا الى شاطئ الأمان، وقد فشلت هذه الزوارق في مهمتها طيلة أربع سنوات وعلى طريقة طارق ابن زياد أن نسارع في إحراق هذه المراكب حتى لا نعود اليها وأن نفكر جديا في مركبة وطنية جامعة تعطي بديلا وترفع التحدي أمام ثنائية النهضة- النداء، وهي هواجس مازالت في بدايتها ونحن كحزب إصلاح وتنمية باشرنا بعض المشاورات لكن مازالت في خطواتها الاولى.
- كلمة ختامية تتوجه بها الى قراء الصحوة
أتمنى أن نحمي خيار الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة وأن نعتبرها أساسا وحيدا لشرعية الحكم، فالمكسب الوحيد لهذه الثورة هو إتاحة الفرصة للشعب لاختيار حكامه وهو ليس بالأمر الهين وهو مكسب ليس مستقرا ويجب عليا أن نحافظ عليه في المستقبل لكي لا يندثر، وأدعو كل النخب السياسية أن تقف سدا منيعا أمام التدخل الاجنبي مهما كان مأتاه فهو خط أحمر. وأختم كلامي بالقول أن المحلية المفرطة ليست في صالح تونس والتونسيين وعلينا أن نهتم بمشاغلنا بتفكير عروبي إسلامي يستحضر الاوضاع الاقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.